وَجَعُ الإِيَاب - فاضل سفّان

وَجَعُ الإِيَاب
في هينَماتِ الشِعْرِ
لم نترك لحاضرِنا سوى لُمَعِ السَّرابْ
تلهو بخاطرنا
وتحفرُ في زوايا النفْس أَشرعةً
وتنثر للورى قِصَداً ممزَّقةَ العُرا
عرجاءَ لا تدري مساربَها
وتوغلُ في الغيابْ.؟..
* * *
منذ استظلَّ بكرمنا سربُ الثعالبِ
يسرقُ (الغيطانَ)
والحبقَ المعرِّشَ في زوايا الشطِّ
لا يخشى مصاولةَ الكلابْ
وتظل ذاكرةُ الخواءِ تنزُّ
من وجعٍ ثناياها
وتحلمُ في مضاجعةٍ تخلِّفُ صِبيةً خصيانَ
ضلَّتْ نهجَها
تدني مخاضَ الحرفِ
تستعوي كسابلةِ الذئابْ
* * *
(والجعجعات) تسفُّ إذ تعلو
وما شمختْ نفوسٌ
تستظلُّ بلمسةِ الأفعى
وتحلمُ بانقلابْ
خمد الشهابُ بربعنا
وتهافت الشطّارُ
يغتصبون أدواحَ الندى شططاً
وتصدحُ في حناجرهم
لحونُ الزَّيفِ مُرجفةً
تهلُّ كما السعيرِ
يهبُّ في الريحِ الرخاءِ
غلبتْ على صلواتنا الأنخاب لاهثةً
تدوس محارم التاريخِ
ترمحُ خلف كوكبةً
تبيعُ الله
قد عَرَجتْ
تزيّنُ كذبةً في الصدرِ
ما مرَّت على شِيَمِ الرجال
تلتُّ إذ تهذي مشعوذةً
كما بغم الغرابْ
تغازل الأهواءَ لاهثةً
على جرحٍ ونابْ...
* * *
والناقة العجفاء خفَّ ذميلُها
تجترُّ وعثاءَ الطريقِ
ترمِّلُ الأنواءَ
ما هجعتْ مراشفُها على وهجِ الرغابْ...
قد ضلَّتْ الدربَ الوقورَ
ترومُ سافيةَ المنى
تنساب في مغنى كبير القومِ
ظلِّ اللهِ
قيَّدَ هجنَه الزهراءَ
تجمحُ في زحامِ (الوالغين)
بأرضنا النهبى
يصعّر خدَّ محتربٍ
إلى يوم الحسابْ
* * *
سُرقت بيادرُنا
وأمطرنا ربابُ الآمرِ الميمونِ
وعدَ غمامةٍ خضراءَ
رفَّ نعيمُها سَحَراً
ترقرق تبرنا المخزونَ
ما غابتْ لآلئُهُ
ولا سَكَنَ الطِّلابْ
* * *
من ألف عامٍ
غيَّضَ الدمعُ الهتونُ رماحَنا
وارتدّ راجمُنا على وشلٍ
يلملمُ كِبرَه المطعونَ
في سوقِ النخاسةِ باعه الندمان
يوم تقاسموا زَهَراً
يغلُّ بروضهم قمراً تماثلَ في الترابْ
هيهاتَ أن تلدَ النساءُ
فوارسَ الفلواتِ
غازلها السنا
مذ زمّت الأنخابُ فاتحةَ الصدى
والخلفُ في صفقاتِه زحمَ الرِّكابْ
* * *
هيهاتَ يا وطناً يغيِّبُ في مرافئِه القصيةِ
دمعةَ الربّانِ
يرصدُ هجعةَ الأسماكِ
كي يختانَ من غدها نشيدَ الموجِ
لا يبقى لسامرها سوى وجعِ الإيابْ.
*
© 2024 - موقع الشعر