عندما يتبرج النقاب! - أحمد علي سليمان

أختَ الحياء بكى عليكِ نِقابُ
وعِباءة ، ومُلاءة ، وحِجابٌ

وبكتْكِ طرحتُكِ التي احترقتْ أسىً
وبكاكِ قفازاكِ والجلباب

وبكى خِمارُكِ أن رآكِ بدونهِ
ويقول: ما الداعي؟ وما الأسباب؟

وبكاكِ بُخنُقُكِ اكْتوتْ طيّاتُهُ
إذ أخفقَ التدريبُ ، ضاعَ ثواب

وبكتْكِ بُردتُكِ اسْتجارَ قماشُها
عبثتْ بها في غفلتيكِ ذئاب

وبكتكِ حِبرتُكِ استُعيرَ سوادُها
لسواد عهدٍ عابثوه ارتابوا

وبَكاكِ بُرقُعُكِ اعترى فتحاتِهِ
توسيعُ قوم في التبرج شابوا

وبَكتكِ جُبّتُكِ انزوتْ أكمامُها
حتى يراكِ الجَوقة الأغراب

وبكى العِجَارُ لأن وجهكِ قد بدا
وبكِ اقتدتْ - في ذا السفور - كِعاب

وبَكاكِ يَشْمَكُكِ التبرجُ طالهُ
ويقولُ: أين السادةُ الأعراب؟

وتبَجّحَ المِكياجُ دون تحفظٍ
إذ إن وجهاً لم يَصنْهُ نقاب

وبَكاكِ سِروالٌ خلعتِ بلا حيا
قتِلَ الألى ضحكوا عليكِ ، وخابوا

لعبوا عليكِ ، وأنتِ لم تتفطني
لخِداعِهم ، إذ راجتِ الألعاب

وانصَعتِ للحِيَل التي بَهروا بها
بعضَ النسا عمداً ، فحلّ خراب

والدَورُ جاءَ على نِقابكِ جهرة
إذ شابهُ التغريبُ والتلعاب

فإذا بجَمْع عابَ لونَ سوادِهِ
أوَما روى أوصافَه (الأصحاب)؟

وإذا بجَمْع قال: هذا لم يَجبْ
وإلى الذي أفتى وقال يُجاب

وإذا بجَمْع قال: نوسِعُ نَقْبَهُ
حتى يزيدَ الحُبُ والإعجاب

وإذا بجمع قال: حُطي بِيشة
حتى تشِفّ ، ويرتوي الأحباب

وعلى النقاب ازينتْ طاقية
مِن خلفها يتهدلُ المِيزاب

ومَشتْ كمثل البُختِ مالت رأسها
أو كالجريدة تحتها الأرطاب

وغدتْ على المُوضات أنقِبَة النسا
أوَليسَ في رُوس النسا ألباب؟

ماذا دهاكُن الحياة قصيرة؟
أوَليس بعد رحيلكن حساب؟

تعسَ النقاب إذا غدا متبرجاً
يُبدي المحاسنَ ، ثم ليس يُعاب

أمسى قريناً للسفور ، وداعماً
ويَسيلُ من فم مُشتهيهِ لعاب

من بعد أن رخصتْ وجوهُ خرائدٍ
وكأنما أهلُ النسا أخشاب

أنعيشُ في زمن (سجاحٌ) أسهُ
وأساسُه (المتنبئُ) الكذاب؟

للهم سَلمْ من خضوع للهوى
إن الهوى - في قومنا - غلاب

مناسبة القصيدة

عندما يتبرج النقاب! (إنها كارثة لا يعلم إلا الله تعالى مداها عندما يُصبح النقابُ - الذي شرعه الله تعالى ليستر وجوه النساء – مصدر فتنةٍ وإظهار لكُحل العيون ، والرموش ، والأجفان ، ومحاجر العيون ، وما حول العيون ، وأعلى الأنوف ، والجبين! تُخادعن من أيتها النسوة؟ تُخادعن الله الجبار رب العالمين اللطيف الخبير العليم؟ بالطبع لا! تُخادعن الرجال العدول الفحول؟ أيضاً لا! تخادعن من؟ لا أراكن إلا تخادعن أنفسكنّ! عندما يتبرج النقاب! ليس هذا العنوان من عندي! ولا دار بخلدي يوماً أن أكتب قصيدة هذا عنوانها! وإنما قرأته لإحدى الغيوات على دينها وأخواتها المؤمنات المنتقبات الحشيمات! وأورد كلماته في التعليق على الصورة ذاتها (ولكن بتصرف تقتضيه اللغة العربية من نحو وبلاغة وبديع وصرف)! إن النقاب الذي يظهر المحاسن يجعل المنتقبات أشد فتنه من المتبرچات! وتلك حقيقة نستطيع استقراءها من الواقع المعاش! فلقد تفننت دور الأزياء الجاهلية بعارضات أزيائها الجاهليات الرخيصات في تفصيل أنقبة وجلابيب وأخمرة وطرح وملاءات وعباءات من شأنها إبداء محاسن النساء لا إخفاؤها! وتُباعُ رغم كل هذا الإسفاف بأغلى الأثمان ، وتجد من يدعمها ويشتري منها! أختاة..النقاب للستر! نعم! شرعه الله تعالى للستر والصيانة لا للتبرج والسفور! والنصوص بيننا يا قوم!‌ وليس النقاب أبداً للنشر! وينبغي أن يكون هذا المفهوم واضحاً في حس الجميع: (النقاب للستر لا للنشر!) أشكر الأخت صاحبة المنشور الذي حمل العنوان ذاته: (عندما يتبرجُ النقاب) ، ولنطالع ما من الله به علينا بهذا الخصوص! ورغم انفعالي الشديد واعتراضي على النقاب المتبرج ، رحتُ أنصح فقط!)
© 2024 - موقع الشعر