النقاب للستر ، لا للنشر! - أحمد علي سليمان

خبا الحياءُ ، وهانت قيمة السِترِ
واستفحلتْ – في النسا – نوازعُ الشر

ما للضمائر في بعض النسا وُئدتْ
فمِلن للهزل والإفلاس والثبر

ما للمشاعر لم نشهدْ لها أثراً
ولم نُلاق لها مِن طيب الذكر

ما للأحاسيس لم تمنحْ صواحبَها
عن الكبائر بعضَ الكبح والزجر

ما للخواطر ما هاجت كوامنُها
لمّا غدا الحالُ بين المد والجزر

ما للعواطف قد غِيلتْ بشاشتُها
وأصبحتْ ما بها شيءٌ من البِشْر

ما للموازين قد طاشتْ مَثاقِلها
وأصبحَ العُرْيُ – في المِيزان – كالسِتر

ما للمَعايير قد دِيستْ معالمُها
حتى تساوى لديها القصرُ بالقبر

ما للمَقاييس من دنيا الورى مُحِيتْ
وأزها المحوُ من طور إلى طور

ما للحياة - بداء الجهل - قد مُنِيتْ
حتى رأتْ شر ما في الناس كالخير

ما للثوابت قد نيلتْ هُنا عَلناً
من بعد أن قصفتْ بالكَرّ والفر

ماذا دهى الأخواتِ المؤمناتِ؟ وهل
من عودةٍ للمليك الواحد البر؟

سَنّ الإلهُ لمن آمنّ أنقِبَة
تُخفي وجوهَ النسا ، إذ كشْفها يُغري

لكنّ بعضَ النسا أمسين في عَمَهٍ
لمّا عَمَدن إلى التصوير والنشر

وساقطو العِير بالتعليق ما بخلوا
كلٌ له جُرأة في (الفيس) تستشري

يُعَلقون ، ولم نلمَسْ لهم أدباً
يَحول بين الغثا وبين ما يُزري

فساقط قد بدا تعليقه حُمماً
من السفول ، بها حُسنَ النسا يُطري

وساقط نصه قَدْ قُدّ من غزل
كأنما الحُبُ - في شريانه - يجري

أو أنها زوجُه ، والعِشقُ هاجَ بهِ
فخط ما خط لم يُبصرْ ولم يدر

وساقط خصّها بالمدح دون حيا
ومِن مدائحه الحياءُ يَستبري

وساقط كالَ مِن تقريظه زبداً
وساقط وصفَ الغيداءَ بالقمْري

وساقط قال: أهواها ، وأرغبُها
زوجاً فهل سِلعة حِيزتْ لمن يشري

وساقط قال: إن العين ما نظرتْ
مثلَ التي ظهرتْ كالكوكب الدري

وساقط قال: إن القلب يعشقها
حباً شغفتُ بها في السر والجهر

وساقط يطلبُ العنوانَ مُذ نظرتْ
عيناهُ صورتها تكوي كما الجمر

وساقط قال أبياتاً توَصّفها
يا خيبة الوصف والتوصيف بالشعر

والأخت ذابت هوىً ، والوهمُ داعبَها
والعقلُ سافر مِن سطر إلى سطر

في مَشهدٍ قذر فاحت وساختُه
هل تُعجَب البرة العصماءُ بالدعر؟

هل تستسيغ الخنا يوما مُوَفقة
للحق والعدل والإيمان والطهر؟

هل بنتُ حُر لها الأخدانُ قد رُصِدوا؟
شتان شتان بين العبد والحر

هل بنتُ شهم غيور يَستهينُ بها
نذلٌ تمَرغ في التشبيب والعُهر؟

هل من كِرام النسا مَن تستلذ بما
يُصاغ في حُسنها مِن ساقط الفكر؟

هل الأصيلة مَن تشيعُ صورتُها
في كل وادٍ ، وعَبْرَ السهل والوَعر؟

هل الكريمة مَن وَبشٌ يُغازلها
فتُكرمُ الوبشَ بالإطراء والشكر؟

وهل قبيلة فضلى لا تُحاسبُها
على التصاوير تُبلي الست بالوزر؟

ذاتَ النقاب ألا جدّي ، ألا انتبهي
واستشعري فتنة تُفضي إلى الضير

إن النقاب لستر الوجه ليس سوى
فما الضرورة للترويج والنشر؟

نصحتُ – أرجوك يا أختاه - فاعتبري
ولا أبالي بما ألقاه من أمر

نصحتُ أرجو لك الخيورَ وافرة
كما ترين بخط الشعر والنثر

إني أغار على أختي ، وأكْبرُها
ولستُ أرجو سوى من ربنا أجري

وغيرتي بالرجا والحرص قد شُفِعتْ
أخاف أسألُ يوم البعث ما عُذري؟

واليومَ بلغتُ ، والرحمنُ مُطلعٌ
بلاغ مَن ليس للعصيان يستمري

للهم فاشهدْ على تبليغ مُعتمدٍ
عليك ، لم يَخشَ من كيدٍ ولا مكر

مناسبة القصيدة

(كثير من الأخوات انصعن - بقصد أو بغير قصد - إلى بيوتات الأزياء التي تركبُ المَوْجَة باسم النقاب! وتبرجَتْ أنقبتُهن بعد أن انحرفتْ عن شروط النقاب السبعة التي حدّدها العلماءُ وذكرناها غيرَ مرة. ولمّا أمرناهن بالمعروف الذي هو النقاب بشروطه السبعة ، ونهيناهن عن المنكر الذي هو طاعة بيتوتات الأزياء في الانحراف بالنقاب عن شروطه السبعة ، رُحْن ينشرن صورَهن بالنقاب بشروطه الشرعية لغير الضرورة! فها نحن أولاء نقول لهن من باب الدين النصيحة: النقاب شرعه الله للستر ، لا للنشر! للأسف كثيرٌ من الأخوات يفعلن ذلك عمداً ، دون أي مبرر لهن في ذلك! وزاد حباتِ الطين بلة أنهن اعتقدن أنهن مادمن قد ارتدين الحجاب الكامل الذي جزءٌ منه (النقاب) ، فليفعلن ما شئن من الممارسات المكشوفة المرذولة التي تأباها الحُراتُ العفيفاتُ الطاهرات الشريفات المحترمات ، دون التنبه لحِلها أو لتحريمها! الأمرُ الذي أدى إلى أن كثيراً منهن يُرحبْن بالصور المنشورة لهن بأنقبتهن بأي وضع وبأي كيفية ، في جميع وسائل التواصل الاجتماعي ، ما علمتُ منها وما لم أعلم ، ليراهن وليحتفظ بصورهن القاصي والداني والطائع والعاصي ، في هاتفه أو حاسوبه أو فلاشته كيف شاء! وليتبادلها مع رفقائه كيفما اشتهى! وليتلذذ بها كيفما خطر على باله! واللهِ العظيم قال لي بعض الجاهليين الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم: نحن نتلذذ بالأخوات المنتقبات والمحجبات حقيقة أو صوراً أكثر من غيرهن! فسألت: كيف وقد سترن عنكم مفاتنهن؟! فقالوا لي: إنهن يتفنن في إظهار العيون وما حولها وبعض الأنوف والخدود ، ناهيك عن العباءات الضيقة والشفافة والمزركشة والملساء والأحزمة التي تصف القدود والجسوم ، والمكياج والكحل من تحت الأنقبة! إنه لا ضرورة أبداً لهذه الصور ، ولا مبرّر لترويجها ولا مُسَوّغ لنشرها! النقاب أيتها الأخوات المتساهلات الغافلات الغافيات للستر لا للنشر! والحجاب له سبعة شروط ، وكذلك النقاب له سبعة شروط ، هذه الشروط وتلك موجودة في الكتب الشرعية ، تناولها علماء السنة بتفصيل وتوضيح ، فكتبوها بأقلامهم وطبعوها في كتبهم وقالوها بألسنتهم! ولا يقبل الله جلباباً خالف أحد الشروط السبعة ، كما أنه سبحانه لا يقبل نقاباً خالف أحد شروطه السبعة! فعلى من تلعبْن؟ ومَن تخادعْن؟ أتخادعن الله؟ الله تعالى لا يخدعه أحد من خلقه! بل الله تعالى خادعُكن أيتها الأخوات المفرطات ، الناشرات لصوركن على وسائل التواصل! أقول ذلك لأبريء ذمّتي وأبلغ عن ربي سبحانه وعن رسوله محمدٍ صلى الله عليه وسلم!)
© 2024 - موقع الشعر