لا يؤت الإسلام من قبلك يا ذات النقاب - أحمد علي سليمان

ما السترُ إن لم يكنْ في القلب توحيدُ؟
وما العَباءة والرشادُ مفقودُ؟

وما التزامكِ إن خالفتِ عامدة
والقلبُ في عمهٍ والوعي مفسود؟

وما اتباعُكِ شرعَ الله زاعمة
أن التخيّرَ - في الأحكام - محمود؟

أين الهداية ما بانتْ أمارتُها؟
وأين فقهٌ وتطبيقٌ وتقعيد؟

هذا التناقض مَن أرسى قواعدَه؟
وكيف أضحى له دعمٌ وتأييد؟

هذي البلياتُ مَن - في الدار - أوجدها؟
أم أن مجتمعي – بالهزل – موعود؟

ذاتُ النقاب دهى السقوط عَزمتها
واغتال همتها ضعفٌ وتفنيد

تتبعتْها رحى الخذلان ، فانحدرتْ
وغيّرتْ سَمتها الغِيدُ الأماليد

من كل ساقطةٍ تبيعُ فتنتها
والمشتري سيء الأخلاق رعديد

ضاقت عباءتها ضيقاً يُفصّلها
والجسمُ أبرزه حَبْكٌ وتحديد

وزركشتْها ، فطابَ الإفتتانُ بها
واستعذبَ الحسنَ أوباشٌ عبابيد

وعطرتْها ، لذا فاحتْ روائحُها
في كل أنفٍ شذىً بالرغم موجود

وصوتُها يطرقُ الأسماعَ دون حيا
وساد نبرتَها جُعرٌ وتصعيد

ناهيك عما بدا من جسم سائرة
في الدرب ، ينظرُه عَفٌ وعِربيد

فمن أجاز لها الكفين إذ بدتا؟
وما اكتفت بهما ، بل أظهِر الجيد

واسأل عن القدمين اليوم قد ظهرا
إذ الحياءُ - بقلب الست - موؤود

وتزجرُ الطفلَ بالألفاظ جارحة
كأنما إلفها التهريجَ معهود

لم تحترمْ شِرعة حقاً تدينُ بها
هل لقنَ السمتَ هذا أهلها الصِيد؟

ولم تُراع الألى - في الشارع - ارتصدوا
إذ كل فعل لها – في التو - مرصود

وقد تسيرٌ لها تغنجٌ أشرٌ
كأنما الأرضُ عمّتْها الأخاديد

وقد تُزاحمُ - في الطريق - كوكبة
من الرجال لها الإرمالُ تمهيد

وقد تُكلمهم ، ولا ضرورة في
كلامها ، إنما لغوٌ وترديد

وقد تُزغرد - في الأفراح - في ملأ
من الشباب ، ألا بئس الأغاريد

وقد تُحَبّر للعروس أغنية
أو شِعر عاشقةٍ ، فبئس تقصيد

وقد تُخَضّبُ كفيها مشاركة
لأي صاحبة ، فالأمرُ محمود

والكف إذ خضّبتْ أبدتْهُ سامرة
للكل ، فلينظر الرجالُ والخود

وقد تكون لها - بين النسا - صورٌ
كانت قد التُقطتْ ، فالعُرسُ مشهود

أهكذا العِرضُ مبذولٌ ومبتذلٌ
بين الأنام ضحىً ، كأننا هود؟

أهكذا هانتِ الأحكام شَرّعها
ربٌ عليمٌ – بحال الناس – معبود؟

أهكذا وهنتْ عواصمٌ شُرعتْ
حتى يكون - لهذا الدين - توطيد؟

أهكذا ضعُفَ الإيمان في أمم؟
أواهُ كم يعصمُ الإنسانَ توحيد

ذاتَ النقاب ألا عُودي ألا انتبهي
ولا يَغرنْكِ تخذيلٌ وتزهيد

لا تخذلي الشرعَ كم نددتُ مُحتفياً
بعودةٍ خطها نُصحٌ وتنديد

إني أعيذكِ أن تبقَيْ مُخالفة
عن أمر ربكِ ، كي يرضى المناكيد

لولا أحبكِ ما ناصحتُ مُحتملاً
أذى النصيحة إن النصح تهديد

قوّاكِ ربي على تطبيق منهجه
إن المليك لعون الخلق مقصود

مناسبة القصيدة

(ينبغي على كل من أنعم الله تعالى عليها بنعمتي الحِشمة والوقار وجزء منهما النقاب ، أن تنتبه جيداً لعَباءتها ولنِقابها ولمِشيتها ولكلامها ولحركاتها وسكناتها في الشارع! لماذ؟ لأن هذه الأشياء محل انتقاد من الناس ، فيضخمونها جداً أكثرَ مما لو صدرتْ من غيرها! فلا ينبغي على ذات النقاب أن يُؤتى الإسلامُ من قِبلها!)
© 2024 - موقع الشعر