غادة الأزهر - حبيبة خليفة - أحمد علي سليمان

يا شعرُ فاخرْ بالتفوق مُزهرا
أطر التي نجحتْ ، وشَبّتْ مُعْصِرا

حيّ (الحبيبة) أشرقتْ أمجادُها
نبأ التفوق عمّ أصقاعَ القرى

والمجدُ عطرَ كهفها ورَقِيمَها
والجو أمسى بالجمال مُعطرا

ورأيتُ (كفر الشيخ) يبسُمُ ثغرها
لبُنيةٍ من خير ما المولى بَرا

إنا لنحسبُها ، وربي حسْبُها
بلغتْ بما حازتْه في الدنيا الذرى

ونقول ظناً ما نقولُ ، ونتقي
لسنا نزكّيها على رب الورى

ما إن سمعنا بالنتيجة أعلنتْ
حتى نفضنا عن مآقينا الكرى

والكل بارك باذلاً أفراحَه
ودعا الإلهَ بفرحةٍ ، واستبشرا

وكأنما هذي (الحبيبة) بنتهُ
صدقاً ، فما كذب اليراعُ وما افترى

عُرسٌ أقيمَ ، فلا تسلْ حُضّارهُ
والبعضُ لمّا يستطع أن يَحضُرا

هذا يُهنيء ، والدموعُ حبيسة
مازال يُمسكُها لكي لا تقطرا

ورأيتُ أستاذا يسوقُ يراعَه
ويخط تهنئة ، وينقش أسطرا

وسِواه بارك باسماً متوشحاً
نُجْحاً ترقبَ أن يُعاين أشهرا

وسِواه (بالشرْبات) أكرمَ من أتى
وأذاب - في كأس الشراب - السكّرا

وتقاسمَ الجمعُ المباركُ حفلة
لم تحو زوراً ، أو غِنا ، أو منكرا

وتداولَ القومُ النتيجة أظهرتْ
في خير منشور تناقله الورى

وتبادلوا فيه التحايا غضة
والقولُ عما في الخواطر أسفرا

وتكلفوا دُررَ البيان بألسُن
لتفوق فيما تصطفيه الجوهرا

حيّاكمُ المولى ، وأكرمَ سعيَكم
وجُزيتمُ الخيرَ العميمَ مُقنطرا

أنا يا (حبيبة) مذنبٌ ومقصرٌ
مَن ذا الذي بين الورى ما قصّرا

فلقد تأخرتِ الكتابة فترة
والذنبُ يا بنتاه أن تتأخرا

واليوم أصطحبُ القريضَ مجاملاً
فضلى تفوقها يسُر الأزهرا

يا غادة ستر الحجابُ جمالها
والوجهُ صِينَ ، فليس يوماً مُسفرا

وتكفلَ الجلبابُ بالسِتر الذي
شرعَ المليكُ لمن أطاعت ، لا مِرا

هذا السوادُ يزيدُ حُسنَ من ارتدتْ
ويخصها التكريمُ حتى تؤجرا

فإذا النقابُ له المهابة قيّضتْ
وبرغم أنف من اعتدى وتنمّرا

فإذا (حبيبة) كالملاك طهارة
شرّفتِ قوماً والبلادَ وأدؤرا

وصَفعتِ كل الساقطات جهارة
وملأتِ أفواهَ السوافر بالثرى

وقهرتِ قوماً بعد قهر كبيرهم
ما كان يحلم لحظة أن يُقهرا

وفجعتِ أقواماً تعاظمَ كيدُهم
كيدٌ – عن الأبياب ظلماً - كشّرا

قالوا: النقاب تأخرٌ وترهلٌ
ويعود قطعاً بالنساء القهقرى

قالوا: النقابُ تخلفٌ وتعصّبٌ
ورأوه يٌهدي للنساء زهيمرا

قالوا: يُصيبُ البنت بالبله الذي
إما تمكن من فتاةٍ دمّرا

قالوا: يُعقدها ، ويكسرُ أنفها
وبه سيقلوها الأنامُ وتُزدرى

قالوا: يكون (الصفر) موعدَها الذي
هو في الدفاتر والشهادة سُطرا

قالوا: سيصبغ بالهوان حياتها
ويُعيدها مهما تأبّتْ للورا

لتعيش في عصر الظلام وحيدة
لم تدر ماذا في معيشتها جرى

قالوا: ستلفِظها الحضارة والدنا
ماذا تُؤملُ بعد هذا يا تُرى؟

قالوا: يُقاطعها الجميعُ تشفياً
والكل ينبذها لتبقى في العَرا

قالوا: سيحرمها العريسَ على المدى
وتعيشُ في كهف العُنوس فلا تُرى

قالت (حبيبة): يا غفاة تمهلوا
خابَ الذي كِذباً على الله افترى

هذا الحجابُ شعيرة وشريعة
وبرغم من لفِظ الهُدى ، أو زوّرا

وبه اعتززتُ تنسّكاً وتعبداً
وأرى التبرجَ خيبة وتقهقرا

ما عاقني عن أن أذاكر منهجي
إني أراه على النجاح مؤشرا

هم يا (حبيبة) جوقة مأجورة
دّرَجتْ على كيل الكلام مقنطرا

يا شِعر حيّ (حبيبة) ، وافخرْ بها
لك حُق أن تزن الكلامَ ، وتفخرا

في قِسْمها (العلمي) تاقت للعُلا
وغدا التفوقُ للخلائق مُبْهرا

لمّا تضِقْ ذرعاً بدرس علومها
بل كان منها السعي دوماً مثمرا

لم تألُ جهداً في مجاهدة الهوى
ولباس تقوى الله كان المظهرا

لمّا تنمْ ليلاً ، ولم تن همة
كانت تخاف العلمَ أن يتبخرا

هذي شهادتنا على مجهودها
وجهودِ أبٍّ لانتفاضتها انبرى

ربّى ، وعلمَ ناصحاً لبناته
وعن المعاصي والمَناكر أنذرا

ورعى رسالته ، وراعى حقها
وبكل ما يُرضي المهيمنَ بشّرا

لمّا يقل وحدي ، وتغلبني القوى
والجهلُ سادَ ، وفي مرابعنا سرى

والجاهلية والتبرجُ أسها
وتكادُ في الأصقاع تُنتقضُ العُرَى

أأبا (حبيبة) خضت حرباً باسلاً
مستبسلاً مستيقناً أن تُنصرا

أعطيتنا دَرساً لنعلم دَورنا
لنرى عَقائلنا يُداعبن الذرى

لقنتنا عِظة ترفعَ وصفُها
ليست تُباعُ لراغب أو تُشترى

أرشدت كيف تكون تربية النسا
بجهود آباءٍ كآساد الشرى

وأنا (حبيبة) ألهمتْني مدحها
بقصيدةٍ منها الجُمانُ تحدرا

زان البيانُ حروفها ورموزها
فتضوّعتْ مسكاً ، وفاحتْ عنبرا

ما لي وللغزل العفيف وأهله
أنا لا أجيز (كُثيّراً) أو عنترا

حتى يُغازل كل صُب منهما
محبوبة أهدتْه وجهاً مُسفرا

إني لأمدح بالقصيدة غادة
أمسى تميزها يُهني الأزهرا

أعطيتُها العنوان: غادة أزهر
ما اخترتُه عبثاً يغلفه الهُرا

أغرى تفوقها اليراعَ ، فصاغها
أنشودة تصفُ الكفاحَ النيّرا

تصفُ التي سهرتْ تُنقحُ درسها
والجسمُ مِن كبد الدروس تفطرا

والعينُ ما اكتحلت بغمض فاشتكتْ
وتشوّقتْ حيناً لطارقة الكرى

واليوم تحصدُ زرعها وغِراسَها
بُشْراكِ زرعُكِ يا(حبيبة) أثمرا

هُزي إليك بجزع سعيكِ حِسبة
يَسّاقطِ الخيرُ العميم منضّرا

وأنا أبارك ، والقصيد هديتي
ومدحتُ سعياً مستهاماً خيّرا

ولسوف يبقى بعدنا ممهورة
أبياتُه تئدُ الأحاجيَ والفِرى

تسعون بيتاً صغتُهن قلادة
في جيد (غادة أزهر) بين الورى

أهديكِها عربية تُهب السنا
وتُعِيرُنا إبريزها والمَرمرا

فتقبليها يا(حبيبة) من أخ
كم عاشَ في نظم القصائد مُكْثِرا

يا (أزهرية) فالزمي سُبُلَ الهُدى
وبسُنة (الهادي) اقتدي مهما جرى

وتزول (كفرُ الشيخ) يوماً ، فاعلمي
لكنّ صِيتكِ في الدنا لن يُهجرا

سيظل ذكرك في الديار على الملا
أنتِ الحَرية بالمضا أن تُذكرا

و(أبو زيادة) أنتِ شِدتِ فخارهُ
ينساكِ كيف وأنتِ سيدة القرى؟

حياكِ ربك ما اتبعتِ سبيلهُ
وسلمتِ ما نجمٌ بأفلاكٍ سرى

ووُقيتِ فتنة عالم زهدَ الهُدى
ومضى يُرَقعُ فتنة فيها امترى

إن عشتِ بعدي فادعي لي ، وترحّمي
وليَ المهيمنَ - يا فتاتي - استغفري

مناسبة القصيدة

غادة الأزهر - حبيبة خليفة (العبقرية: (حبيبة السيد مصطفى خليفة) الطالبة الأزهرية الأولى على الجمهورية في القسم العلمي بمجموع هو 99.85% ، لإتمام الشهادة الثانوية الأزهرية ، للعام الدراسي 2022-2023م! وذلك في معهد (أبو زيادة الأزهري للفتيات) ، بمحافظة كفر الشيخ! الأمر الذي يستحق الكتابة عنه نثراً وشعراً! وتستحق حبيبة أن نهنئها ونبارك لها ، عسى الله أن يجعل ذلك النجاح وذلك التفوق في طاعته! والحقيقة أننا منذ علمنا بالنبأ ، ويبارك بعضنا لبعض هذا التفوق ، وكأن (حبيبة) ابنة كل واحد مناً ، وليست ابنة الأستاذ السيد مصطفى خليفة! لقد كانت فرحة غامرة وسعادة بالغة! وما أن تُذكر (حبيبة) في مجلس ما أو موقف ما ، حتى يشيد الكل بنجاحها وتفوقها! وفي تفوقها ردٌ مفحم على الجاهليين المتحذلقين البلهاء السفهاء ، الذين يزعمون أن النقاب يُتلف خلايا المخ ، ليس هذا فقط ، بل ويُضعف التفكير ، ليس هذا فقط ، بل ويُصيب صاحبته بالبلاهة وعدم القدرة على التمييز ، ليس هذا فقط ، بل ويُصيب صاحبته بالزهايمر وفقدان الذاكرة في سن مبكر! وكلنا يعرف الأزهر بكتبه الدسِمة ومناهجه العملاقة! وقد حدثني من أثق في كلامه ، وهو أحد شيوخ المعاهد الأزهرية ، والعُهدة عليه في الرواية ، بأن الطلاب في الأزهر يدرسون منهاج التربية والتعليم ، مضافاً إليه المواد الشرعية الأخرى ، ليكون مجموع المواد التي يدرسونها عشرين مادة! ولست هنا بصدد الدفاع عن وجوب ستر الوجه ، فهذه مسألة منتهية ومحسومة! ولها مظانها ومراجعها! وأي عاقل يأخذ حكماً شرعياً من ديوان شعر أو من مقدمة قصيدة؟! وإن كان شاعرنا العبقري محمد حافظ إبراهيم بك قد كتب (غادة اليابان) ، مشيداً بإباء وتحدي وشجاعة فتاةٍ يابانية ، فإن غادة الأزهر (حبيبة السيد مصطفى خليفة) أولى بكثير من غادة اليابان! حياك الله يا حبيبة وبياك! لقد رفعت رؤوسنا جميعاً ، وأعتبر نجاحك نجاح ابنتي ولا أزيد! ومن هنا كتبت قصيدة: (غادة الأزهر) ، على غرار قصيدة حافظ: (غادة اليابان) مع الفارق والتحفظ الشديد في المقارنة! وأعتذر لحبيبة عن تأخري في الكتابة! ذلك أنني كلما هممتُ بالكتابة ، خنقتني العَبرة فصرفتني عن الكتابة! إلى أن توجه لي اللوم من أحد الطيبين الصالحين (أحسبه هكذا) فاستعنت بالله ، وشمرتُ عن ساعد الجد ، واصطحبت يراعي ، ونقشت تسعين بيتاً حذفت منها عشرة تقريباً! رأيتُها لا تليق! ودائماً الشعراء هكذا: يجنح بهم الخيال فتزل أقلامهم! وبقيت الثمانون بيتاً هديتي لحبيبة! أهنئ (حبيبة) وأبارك لها هذا التفوق! وأسأل الله تعالى أن يباركها ويحفظها!)
© 2024 - موقع الشعر