كن كما أنت - نصيحتي للصابوني - أحمد علي سليمان

خادمَ الوحيين والعلم الرصينْ
ونصيرَ الحق في دنيا الفتونْ

ومحبَ الحق غضاً يانعاً
بالدليل العبقريّ المستبين

لا أزكيكَ على الله الذي
منح العلم ، وحلّى باليقين

حسبكَ الله عزيزاً ناصراً
ينصر الحق ، ويُخزي من يخون

لستَ في الدرب وحيداً ناله
قاصرُ التفكير ذو الرأي الأفين

إنه يا سيّدي حقدُ العِدا
ينفث التشكيك حيناً بعد حين

فاثبتِ اليومَ ، وخيِّبْ سعيهم
وانأ عن جمْع له كيدٌ خؤون

كن كما أنت ، ولا تعبأ بهم
إن هذا الجمع بالسُوآى رهين

وأراك اليوم مشغولاً بهم
تدفعُ الشبهة بالعلم المبين

وجدالُ الجهل يُزري بالهُدى
ويهد الصرح والحصن الحصين

خادمَ الوحيين لا تنزل إلى
مستوى الطغمة والفكر المَهين

أنت يا أستاذنا علّمتنا
أن أهل الحق حتماً يُفتنون

واقرأ التاريخ تدركْ رؤيتي
إنما المحنة دأب المؤمنين

والبلاءاتُ تزكّي أهلها
سُنة الديان رب العالمين

فاحتملْ تضليل أرباب الهوى
أنت يا نبراسنا فوق الظنون

كم قرأنا لك علماً نافعاً
وتتلمذنا ، وأغرانا الحنين

نحن أحببناك حباً يقتضي
دفعَ ما يؤذيك من ظلم وهُون

لك - في الأرض - قبولٌ واضحٌ
ليس يؤتاه سوى الفذ الأمين

صاح ألفْ ، وانفع الناس بما
تعلمُ اليوم من الفقه الثمين

رب ثبتْنا ، وصُن أستاذنا
مَن تحدَّي العِير ، مِن ريب المَنون

مناسبة القصيدة

(الدفاع عن المظلومين من المؤمنين منقبة عظيمة. فإذا كان هؤلاء المؤمنون علماء تكون منقبة أعظم. وهذه المرة نتبنى الدفاع عن علم تتلمذنا على يده ، وإن لم نره أو نلتق به. إنه الأستاذ / محمد علي الصابوني ، خادم القرآن والسنة كما يلقب نفسه ، أو خادم الوحيين الشريفين كما يطيب لي أن ألقبه. حيث تعرض الرجل لسلسلة من الانتقادات الرهيبة العاتية. وكانت على ضربين: حق وباطل. فما كان منها بالحق فنحن نحب الحق أكثر من أنفسنا ومن العالمين. وأما ما كان منها بالباطل ، فنحن لسنا من الباطل ولا من أهل الباطل في شيء. ودفاعنا اليوم عن الرجل بشأن الانتقادات الحقة. إذ الفرق كبير بين أن أبين الحق ، وأن أتشفى في فلان ، وأسوق جميع ألفاظ الشتائم والهجاء ، تلك التي لم يفطن إليها جرير في زمانه ولا الفرزدق! وإذا كان ديننا يأمرنا بالتلطف مع الكفار فما بالنا بالمؤمنين وما بالنا بعلماء المؤمنين؟ ولنتذكر (فقولا له قولاً ليناً) ، (وجادلهم بالتي هي أحسن) ، (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن). ألا إن إنكار البعض على العلماء أموراً فيها مجال للاجتهاد والاستدلال والنظر والبحث والأخذ والرد لخفاء الدليل أو لغموضه أو لاحتمال النص لأكثر من معنى ، كان أولى في مثل هذه الحال التثبت والتحقق ، وليسعنا اليوم ما وسع المسلمين من قبلُ بالأمس. ناهيك عن التراشق بالألفاظ النابية والسِباب والغمز واللمز والتجريح للكرامة تلميحاً أو تصريحاً. وأستثني العلامة عبد الله بن جبرين الذي أنصف الصابوني وأشار إلى أخطائه واختلافه معه بأدب جم! ورحم الله الصابوني وابن جبرين وأدخلهما فسيح جناته مع الذين أنعم الله عليهم ، من النبيين والشهداء والصالحين ، وحسُن أولئك رفيقاً! والشكر موصول إلى كل من قدّموا للشيخ الصابوني النصح والنقد البناء بأدب رفيع جم المناقب عذب الديباجة مثل الشيخ الفاضل الجهبذ العلامة الكبير محمد جميل زينو ، ومحدث العصر الشيخ محمد ناصر الدين الألباني صاحب السلاسل الصحيحة والضعيفة ، وغيرها من المصنفات الحديثية التي لا يستغني عنها طالب العلم ، وصاحب لواء السنة وأهل السنة وقامع البدعة وأهل البدعة الشيخ العلامة مقبل بن هادي صاحب الردود المفحمة الملجمة ، وحامل لواء الجرح والتعديل أعجوبة عصره وأيقونة زمانه المحدّث الفقيه الكبير الدكتور ربيع بن هادي المدخلي ، والمحدث الملهم وعضو هيئة كبار العلماء صاحب المصنفات والمراجع والمعاجم الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد ، وشيخ المشايخ العلامة صاحب الفضيلة والمقام السامي الرفيع في الوعظ والدعوة والمحاضرة والتنظير الشيخ صالح الفوزان! لهم جميعاً الشكر الجزيل على ما بذلوا من نصح ونقد للشيخ الصابوني! ولقد كان نقدهم طيباً ، ونصحهم أيضاً كان عذباً وجميلاً ، حيث لم يُخرجوا الشيخ الصابوني من المِلة ولم يبدّعوه ولم يكفروه ولم يفسقوه ، كما فعل آخرون من الذين لم يؤتوا سعة لا في العلم ولا في الفقه ولا في الدعوة! بل بينوا الأخطاء والأغلاط بأدب جم ، وقدموا للشيخ خلاصة ما توصلوا إليه ، وتركوا للشيخ الصابوني المجال في قبول ما تميل إليه النفس بعد اجتهاد لاختيار ما غلب عليه الظن وترك ما لم يرجحه عقل ولا نقل! فلله دره ودرهم! لتخرج لنا طبعات من كتب الشيخ صحيحة مصححة لا غبار عليها ، فلا يستطيل عليها مستطيل بغير حق ، ولا ينال منها نائل!)
© 2024 - موقع الشعر