يا رفيق الدرب - حامد حسن معروف

یا مغاني الشِّعرِ أين الشاعرُ؟
والأماني والهوى والسَّامرُ؟
 
أين يا كرمَ القوافي خمرُها؟
أين ساقيها؟ وأين العاصرُ؟
 
لم يغبْ نیسانُ دنیا عبقرٍ
إنَّه في كلِّ قلبٍ حاضرُ
 
إن يَجُزْ دنيا البرايا عابراً
ما المُنى إلّا اشتهاءٌ عابرُ
 
يذبلُ الرَّوضُ ويبق بعده
منْ سجاياهُ الأريجُ العاطرُ
 
يا رفيق السيرِ في الدربِ أما
آن أنْ يُلقي عصاهُ السَّائرُ ؟
 
نحنُ ما نحنُ؟ خيالٌ جامحٌ
يزحمُ النَّجمَ ، وجدٌّ عاثرُ
 
لم تضقْ بالفقرِ ذرعاً وانطوى
أوَّلُ العمر به والآخِرُ
 
والإباءُ المحضُ من أخلاقنا
والأبيّون قليلٌ نادرُ!!
 
عشتَ محروماً ولكنْ لمْ يعشْ
بين جنبيكَ الضَّميرُ التَّاجرُ
 
محنةٌ مرتْ وقد جاوزتَها
صابراً، هل فازَ إلا الصَّابرُ ؟
 
أيُّها السَّاكبُ منْ أشعارهِ
سلسل السِّحرِ، أأنتَ السَّاحرُ؟
 
طائر الصِّيتِ، ويمضي هازئاً
مُستهيناً بالحدودِ الطَّائرُ
 
لا يُماري فيك إلّا أحمقٌ
يجهلُ الشِّعرَ، وإلّا ناکرُ
 
تمتمَ الطَّفلُ فقالوا: شاعرٌ
وثَغا يوماً، فقالوا: ناثرُ
 
ونظيمُ الشِّعرِ لا يرقى إلى
عرشهِ -مهما أجادَ- النَّاثرُ
 
هات حدِّثْنا بما جاءَ به
عن أبيهِ "جعفرٌ" و "الباقرُ"
 
"آلُ بيتِ اللهِ" أعلامُ الهدی
كلُّ من والی سواهمُ خاسرُ
 
أطلَعُوا الإسلامَ نوراً فاهتدی
للطريقِ المستقيمِ الحائرُ
 
بشِّر الدُّنيا بما جاءوا بهِ
أنتَ مأمور الهدى والآمرُ
 
أزبدَ البحرُ وأرغى وأنا
مثلما أنتَ شراعٌ ماخرُ
 
أمَّتي ضلَّتْ هُداها واستوی
عادلُ الحکمِ بها والجائرُ
 
کم حوى تاريخها من بدعةٍ
يلعنُ الماضي عليها الحاضرُ
 
أتقنوا الكيدَ، فهذا خائنٌ
يشتمُ الشَّامَ، وهذا غادرُ
 
هل تصانُ الأرض والعرضُ إذا
ظلَّ في القدسِ البغيُّ العاهرُ؟
 
أجدبَ التَّاريخُ لولا "حافظٌ"
من أمانينا ولولا "ناصرُ"
 
في جواري يا رفيقي "باقلٌ"
وعلى مرمى يميني "مادرُ"
 
يزرعان الدَّربَ لیلاً بينما
دربنا هذا الصَّباحُ الباهرُ
 
أنتَ بين اثنين : إمَّا مؤمنٌ
بالذي قالوا، وإمَّا کافرُ
 
يا عبيدَ الجهلِ هذا منطقٌ
يستوي البَرُّ به والفاجرُ
 
مزَّقَ الشَّعبُ الوصايا بعدما
شبَّ عن طوقِ الوصيِّ القاصرُ
 
هی لا تخاطبْ أصغریهمْ واللَّهى
كلُّ ما فيهم عقیمٌ عاقرُ
 
لي على "متَّى" و مخضَّلِ الرُّبى
في الصِّبا عهدٌ نديٌّ ناضرُ
 
السُّفوحُ الفيحُ عطرٌ مائجٌ
والمُطلَّاتُ شعاعٌ ظافرُ
 
والأغاريدُ على تلَّاتهِ
يحُسدُ السَّمعَ عليها النَّاظرُ
 
والسَّواقي سلسبيلٌ طالما
زاحمَ الواردَ فيها الصَّادرُ
 
والعشيَّاتُ الحوالي حولها
والنَّدامى والجمالُ النَّافرُ
 
إنَّ "متَّى" یا ابن "متَّى" عالمٌ
كلُّهُ شعرٌ وأنتَ الشَّاعرُ
 
تُمرعُ الأحلامُ في قلبي إذا
رفَّهُ منكَ الخيالُ الزَّائرُ
 
أقطعُ اللَّيلَ وطرفي ساهرٌ
يَرقبُ الطَّيفَ وقلبي ساهرُ
 
هل تقبَّلتَ رثائي إنَّه
آهةُ ولهی ، وجُرحٌ هادرُ؟
© 2024 - موقع الشعر