يا لَيتَ شِعري وَقَد أَودى بِكَ القَدَرُ - صفي الدين الحلي

يا لَيتَ شِعري وَقَد أَودى بِكَ القَدَرُ
بِأَيِّ عُذرٍ إِلى العَلياءِ يَعتَذِرُ

وَكَيفَ جارَ عَلَيكَ الدَهرُ مُعتَدِياً
أَما تَعَلَمَّ مِنكَ العَدلَ يا عُمَرُ

يا اِبنَ المُلوكِ الأُلى كانَ الزَمانُ لَهُم
طَوعاً وَأَقبَلَ صَرفُ الدَهرِ يَأتَمِرُ

يا ناصِرَ الدينِ يا مَن جودُ راحَتِهِ
بَينَ الأَنامِ عَلى الأَيّامِ يَنتَصِرُ

أَنتَ الجَوادُ الَّذي لَولا مَكارِمُهُ
لَأَصبَحَ الجودُ عَيناً ما بِها بَصَرُ

تُعطي وَتَبسُطُ بَعدَ البَذلِ مَعذَرَةً
وَعُذرُ غَيرِكَ دونَ البَذلِ يُبتَدَرُ

فُقتَ المُلوكَ جَميعاً في عَطاً وَسَطاً
فَأَنتَ كَالبَحرِ فيهِ النَفعُ وَالضَرَرُ

وَحُزتَ أَخلاقَ شَمسِ الدينِ مُكتَسِباً
وَالشَمسُ مُكتَسِبٌ مِن نورِها القَمَرُ

خاطَرتَ في طَلَبِ العَلياءِ مُجتَهِداً
وَما يُخاطِرُ إِلّا مَن لَهُ خَطَرُ

رَفَعتَ ذِكرَكَ بِالإِنعامِ مُنتَجِداً
بِهِ وَغَيرُكَ بِالأَموالِ يَفتَخِرُ

قَد كانَ جودُكَ لي عَينَ الحَياةِ إِذا
وَردَتُهُ وَحَواني رَبعُكَ الخَضِرُ

أَعزِز عَلَيَّ بِأَن أَدعوكَ ذا أَمَلٍ
فَلا يُجابَ بِرِفدٍ مِنكَ يَنهَمِرُ

وَأَن يُحَثُّ إِلى مَغناكَ وُفدُ ثَناً
وَليسَ مِنكَ بِهِ عَينٌ وَلا أَثَرُ

طابَت مَراثيكَ لي بَعدَ المَديحِ وَمَن
بَعدَ السُرورِ بَراني الحُزنُ وَالفِكرُ

كَأَنَّ حُزنَكَ مِن أَسمائِهِ سَقَرٌ
فَذاكَ في القَلبِ لا يُبقي وَلا يَذَرُ

سَقى ضَريحَكَ صَوبُ المُزنِ مُنبَجِساً
حَتّى يُدَبِّجَ أَقصى تُربِهِ الزَهَرُ

وَكَيفَ أَسأَلُ صَوبَ المَزنِ رَيَّ ثَرىً
حَلَلتَ فيهِ وَفيهِ البَحرُ وَالمَطَرُ

© 2024 - موقع الشعر