أودى المشيبُ بقوتي وجهودي - عبدالناصر عليوي العبيدي

أودى المشيبُ بقوتي وجهودي
وغدوتُ في الطرقاتِ أتبعُ عودي

والصبحُ أرخى في الظلامِ خيوطَهُ
فبدا البياضُ بمفرقي كورودِ

ظَهري تقوسَ فانحنيتُ كراكعٍ
بدأ الصلاةَ مُهَيَّأً لسجودِ

وتفرقَ الأحبابُ عنّي كلهمْ
وبدأتُ أكرهُ في الحياةِ وجودي

فجلستُ ساعاتٍ طوالاً شاردا
ودموعُ عيني أثَّرتْ بخدودي

فخرجتُ أمشي حائراً متثاقلا
والهَمُّ يسكنُ خافقي ووريدي

فرأيت في إحدى الأماكنِ هرَّةً
عانتْ كما عانيتُ منذُ عهودِ

نامتْ على كتفِ الرّصِيفِ وحيدةً
قلتُ التقيتِ وحيدةً بوحيدِ

فَحَمَلتُها وَضَمَمْتُهَا كعزيزةٍ
فاستأنستْ صدري ومَهْدَ زنودي

وغَفتْ على صدري كغَفْوةِ مُتْعَبٍ
عانى من الارهاقِ والتَّسهيدِ

وبدأتُ أشْعرُ عَطْفَها وحنانها ..
وكأنّها أمٌ أتتْ لوليدِ

فالله قد خلقَ الحياةَ لنَتّقي
يوما يعودُ العبدُ للمعبودِ

فَلِمَ التّكبّرُ والغرورُ أيا فتى
يوما ستصبحُ مرتعا للدودِ

عجبا لمن عاشَ الحياةَ كأنهُ
خشبٌ تصلبَ قلبه كحديدِ

© 2024 - موقع الشعر