جزاءً وِفاقا! (مال اليتيم أودى به) - أحمد علي سليمان

ذاك درسٌ لكل ذي إيمانِ
واعتبارٌ لكل ذي عِصيانِ

وانتصارٌ مِن المليك لقوم
جُندلوا مِن فظاعة العُدوان

تلك ذكرى لمن يجورُ ويطغى
كي يتوب مِن صَولة الطغيان

ربما لاقتْ عند عاصٍ صداها
فاستفاق مِن سَكرة العِصيان

أو أزاحتْ - عن الدنايا - أناساً
غيّبَتْهم - عن الرشاد - الأماني

أو أعادت حقاً سليباً تناءى
عن ذويهِ على مدى الأزمان

في زمان لمّا يعدْ فيه صِدقٌ
بل يئنّ الصدوقُ ، ثم يعاني

والكذوبُ المُحتال يختالُ تِيهاً
هادئَ النفس ، مستريحَ الجنان

كم يَحارُ اللبيبُ مِن مِثل هذا
كيف طاشت مثاقلُ المِيزان؟

كيف أمست هذي المعاييرُ هدياً
واستسيغتْ في السر والإعلان؟

كيف لاقت - بين البرايا - رَواجاً
ناصعَ الإثبات والبرهان؟

كيف صار الأخ الشقيق عدواً
جاحداً للمعروف والإحسان؟

غاصباً بيت اليتامى احتيالاً
مُشهراً سيفَ الغِش والبُهتان

مُهدِراً - بالتدليس عمداً - حقوقاً
مُستعيناً بسيئ الأعوان

مُقسماً للأيتام أنّ آباهم
باع بيتاً بأبهظ الأثمان

والعقودُ نصوصُها لا تحابي
والشهودُ يُدْلون بالأيمان

ثم ألقى يمينه دون خوفٍ
مُستهيناً بحُرمة القرآن

واليتامى تعجّبوا مِن جرئ
لا يبالي باللعن والنيران

خرجوا ، والأكبادُ تطفحُ غيظاً
ثم تزجي الدعاءَ للرحمن

والنفوسُ - فيها على العمّ - نارٌ
والقلوبُ تضيقُ بالأضغان

وارتأوْا قتلَ العمّ أنجعَ حَلٍّ
سوف يُردي مَرارة الشنآن

لكن الأم ناصحتهم ، وقالت
انفضوا عنكم زخرفَ الشيطان

إنّ هذا العمّ الظلومَ أبوكم
لا تُذيقوه نقمة الشبان

إنْ يكنْ قد خان الأمانة جهراً
فالمصيرُ حتماً إلى خسران

سوف يقضي - بين الخصوم - مليكٌ
فاقبلوا حُكمَ الواحدِ الديان

إيهِ يا أم قد عدلتِ ، وربي
إن هذا يُفضي إلى السلوان

واستجابَ الأبناءُ بعد التلاحي
ثم جاءَ القصاصُ بعد ثوان

خصّه الجَبارُ القويُ بمكر
ليس - مِن كيد العدل - أيّ أمان

© 2024 - موقع الشعر