وما يعلم جنود ربك إلا هو! (السائق والعجوز) - أحمد علي سليمان

أقول لمن أخفى الخطايا ، وغيبا
وأمسى له سَلبُ الحقوق مُحبّبا

وأعماه حب المال عن كل حُرمةٍ
فبات يرى في القتل نهجاً ومذهبا

ففي كل حين طعنة بعد طعنةٍ
وبالدم كفٌ في البليّات خُضبا

ونفس على الدنيا تعادي وتفتدي
وقلب على جمر التشفي تقلبا

وعين تعامت عن سبيل رشادها
وعقل من الأوهام والتيه أشربا

وبعض ضمير قد نات عنه يقظة
وشبه شعور في المتاهات غيبا

ولكن أيُخفي الحق طغيانُ من طغى؟
ويوماً سيردي النور بالرغم غيهبا

ولله أجنادٌ ، وللحق صولة
فهل يعلم العُقبى الذي قد تذأبا؟

وإن انتقام الله لا بد واقعٌ
ولن يجد الجانون من ذاك مهربا

ومن هؤلاء المستطيلين سائقٌ
تذرَّع بالإجرام ، والسهمَ صوّبا

وأعمته أموالُ العجوز عن الهُدى
فشرّق في التفكير حيناً ، وغرّبا

ووسوس شيطان السفيه بقتلها
وكان من المعتوه أدنى وأقربا

فأغراه أن يغتال عمداً بريئة
ليُصبح في شرع الحنيفة مذنبا

فجرّ إلى الوادي السحيق ضحية
وأعمل سيف الغدر فيها وجرّبا

وسالت دماءٌ دون أدنى جريرة
وقاتل رب الناس وغداً تسببا

وخلف عَزلا في دماها طريحة
فأبدت لهذا النذل موتاً تحسبا

فزايلها بين الصخور رهينة
وفار الدم الزاكي على الرمل صيّبا

وأيقن أن الموت وافى بسهمه
وأن مهاد القبر ناغى ورحّبا

وأما الدنانير التي في جيوبه
فباتت من الدنيا أعز وأطيبا

وأما التي في مسرح القتل جُندلتْ
فبدرٌ غفا ، أو نجمة ضوؤها خبا

ورب الورى في التو دبر أمرها
وسخر مَن داوى سريعاً ، وطبباً

وأنقذها ربٌ خبيرٌ بشأنها
ولبى دعا مظلومةٍ قبلُ ، واجتبى

وعادت لها الأموالُ من بعد فقدها
وأخضب روضٌ بعد أن كان مُجدِبا

ومات لديغ الصل مَن كان قاتلاً
وقصته باتت مثالاً ومضربا

وأخباره أضحتْ لمن جار عبرة
وذكرى لمن قد عاش صِلاً وعقربا

© 2024 - موقع الشعر