وصية لا أحلى ولا أجمل! (الخطاب المخزومي لولده) - أحمد علي سليمان

زبَدُ الكلام شدا بها الخطابُ
وحوى الوصية - للأنام - كتابُ

دُررٌ تُقلدُ مَن يُطالعُها السنا
في جوفها الأخلاقُ والآداب

صيغتْ بكل بلاغةٍ وفصاحةٍ
ولها - لكل بصيرة - أسباب

وأعارها (الخطاب) تجربة سمتْ
فسما - بها - الأعجامُ والأعراب

واختارها (البُستي) بين فصوله
فله - على ذا الاختيار - ثواب

في (روضة العقلاء) خيرُ وصيةٍ
تسمو بقوم – للرشاد - أنابوا

واستمسكوا بالحق وفق أدلةٍ
وإلى المهيمن أخبتوا ، فأصابوا

و(ابن المُعَلى) في الوصية لم يدعْ
لمغالطٍ قولاً ، فليس يُعاب

هي مَوردُ الآباء إن ساد الظما
هي بلسمٌ - يُشفي الورى - وشراب

هي منهلٌ يَروي ، وراحة رائح
هي غادة يسعى لها الخُطاب

حوتِ النصائحَ لا حدود لوصفها
يسمو لها الإطراءُ والإعجاب

هي منهجُ الآباء في إرشادهم
أبناءهم إن أخطأوا ، أو خابوا

والنصحُ أثمن ما علمتُ هدية
يسخو - بها - الآباءُ والأحباب

وشعيرة هذه النصيحة مِن شعا
ئر ديننا ، إن النصيحَ مُثاب

وتكون أوقع مِن أناس جربوا
هذي الحياة ، وفي التجارب شابوا

لم يهزلوا - في الجد - إن هزل الورى
والهزلُ لا ترقى به الألباب

وتعلموا من كل أمر عايشوا
وكلامهم ألفاظه إطراب

ورأيت - في هذي الوصية - نفحة
طهرية ، ولها التقى جلباب

بدأت بتوحيد الإله وذكره
فأعان - من يشدو بها - الوهاب

أوصت ببعدٍ عن محارم ربنا
إن الذى يسعى لها مرتاب

ثم استهلت بالتخلق بالهُدى
إن الهُدى - لمَن اتقى - مِحراب

واستحسنتْ خلق التواضع مَنهجاً
ولمَن تواضع يبسمُ الترحاب

وتوشحتْ بالجد يَدمغ حرفها
وهل المُجدّ تنال - منه - صِعاب؟

وحوت مِن الرُشْد الكثير ، فنصّها
كل الذى يدعو إليه صواب

© 2024 - موقع الشعر