مروءة لا أحلى ولا أجمل - أحمد علي سليمان

تفرّدتَ بالجُود بين الورى
وأقدمت إذ رجعوا القهقرى

وأنفقتَ مالك مستغنياً
تريدُ بفضلك أن تؤجرا

عظيمٌ من النفس أن تستمي
بمن هو - في قيدها - حُررا

هو البذلُ سُلمُ مَن يرتقي
لنيل الكرامات مُستبشرا

وللمجد - واللهِ - أربابُه
ومَجهودُهم قد غدا مُثمرا

وكم قتل الشحّ أصحابَه
وقمّأهم في جميع القرى

يعيش البخيلُ يرى نفسه
ومَن حوله - عامداً - لا يرى

فليس يجود على غيره
وحُق له اليومَ أن يُزدرى

قلاه الأنامُ لإمساكه
وسُمعته اختلطتْ بالثرى

صغيراً يعيشُ ، ويمضي كذا
وأنى لذلك أن يكبرا؟

وكم يَحقرُ الخلقُ تقتيره
وكم مات - بالحرص - من قترا

يموتُ ، ويأخذ أمواله
وريثٌ - بما ناله - استبشرا

كفيْئ يُنال بلا مِحنةٍ
كما يرث النشأ مَن عُمّرا

وأما الكريم لفرط العطا
تراه المُبجّلَ بين الورى

ويُذكرُ بالخير ليس سوى
وحُق لهذا بأن يُذكرا

ويُثني الأنامُ على جُوده
وقد بلغ اليومَ فيه الذرى

يجودُ ، فتكثرُ أمواله
وأحرى بها جدّ أن تثمرا

ونصّ الحديث لدى مُسْلمٍ
رواهُ يُفقه مستبصرا

ألا كل يوم بإصباحه
مَلاكان مِن ربنا أحضِرا

مَلاكٌ يخاطبُ رب السما
بأن يرزقَ المنفقَ الخيّرا

وآخر يدعو على مُمسكٍ
بأن يُتلف الله ما ادخرا

فيا من دفعت لمحتارةٍ
نقودَ التذاكر نلت الثرا

وأعطاك ربك من خيره
ومثلك - في ذي الدنا - كَثرا

وبارك في المال ما أغدقتْ
يداك لتستنقذ المُعْسرا

مروءتك استشرفتْ خاطري
وقلبي الجديرُ بأن يشعرا

لذا صغت شِعريَ ، أطري السخا
وأزجي الثناءَ به مُزهرا

وأحسبك اليوم أسخى يداً
وربّي الشهيدُ على ما جرى

وآلافك العشرُ ما ضُيّعتْ
سيعطيك ربُ الورى أعشُرا

ولستُ أزكّي على الله مِن
مَخاليقه مُنفقاً مُكثرا

© 2024 - موقع الشعر