سترك الله كما سترتني! (مروءة الفضل) - أحمد علي سليمان

كفان: كفٌ بقبح الزيف تأتزرُ
تظنّ ظناً بأن الزيف يَستترُ

وكفّ جُودٍ تكيلُ المالَ سارقه
عساه - مِن كيلها - يَخزى ويزدجر

شتان بينهما ، والفرقُ مُتضحٌ
وكل كفٍ لها بين الورى أثر

كفّ العطا برئتْ مِن كف مُغتصب
فالجودُ محترمٌ ، والغصبُ محتقر

والناسُ تعرفُ هذا خيرَ معرفةٍ
فقد تواترتِ الأنباءُ والخبر

أن انتهاب حقوق الناس مَخبثة
وأن عُقبى الذي يؤذي الورى سَقر

والسارقُ – الدهرَ - مرهونٌ بما سرقتْ
يدٌ تُغربلُ ، لا تُبقي ، ولا تذر

تهوى الحرام ، وتحيا في غياهبهِ
وبالذي تجتني تزهو وتفتخر

وتستحلّ حرامَ الله دون حيا
أما خلتْ قبلها الآياتُ والنذر؟

وتستبيحُ الذي الأنامُ تملكُه
لأنها للتقى والخير تفتقر

تُغافلُ الناسَ كي تحظى بما نهبتْ
والختلُ دَيدنها واللؤمُ والدَبر

أمّا التي تبذلُ المعروفَ راضية
فكفُ بذل لها مِن سَعيها وَطر

ترجو الثوابَ مِن الرحمن راجية
محوَ الخطايا التي بالبذل تُغتفر

تحنو على الناس مِن ظلم يُعذبُهم
وللضعيف مِن القوي تنتصر

وتعشقُ الحِل ، لا ترضى به بدلاً
لأنها - في مصير النفس - تفتكر

كفان: كلُّ لها - في الوصف - صِبغتها
وكل كفٍ بما تأتيه تشتهر

واعجبْ معي للذي جاء (الربيعَ) ضحىً
ليسرق الألف لا خوفٌ ولا حذر

احتال في رسم توقيع (الربيع) ، فلم
يَكشفْ له حِيلة عقلٌ ولا بصر

حتى إذا جاءه (الربيعُ) هشّ له
وبشّ حتى يزولَ الشك والخطر

وأدرك السارقُ المُحتالُ فعلته
وقال في نفسه: عنها سأعتذر

لكنما سَتر (الربيعُ) ما كسبتْ
يدٌ دعاها - إلى عِصيانها - الضرر

فربما ذبحَ الإملاقُ صاحبَها
والفقرُ - في أنفس الأنام - يستعر

وربما طلب المسكينُ حاجته
ممن يكدّسُ أموالاً ، ويدّخر

فردّه دامعَ العينين مُبتئساً
وقلبُه ألماً في التوّ يَعتصر

أو أثقلَ الدَينُ - بين الناس - كاهلهُ
فأزه الهمّ والإذلالُ والضجر

أو عال عائلة طمّتْ مطالبُها
عن الوفاء بها وعضّه الكَدر

أو استكان لأعباءٍ تُسربله
أو استبدّتْ به الأوصابُ والغِير

فجاء يحتالُ لمّا قصّرتْ يده
عن الأداء ، ولم يَشعرْ به البَشر

قال الربيع: وربّي سوف أستره
برغم أني - على التشهير - مُقتدر

وجاد بالألف مَحبوراً ومُحتسباً
فربما عصفتْ بالدائن العِبر

وطمأن الدائنَ المحتالَ أن له
كلَ الأمان ، فلا ذلٌ ولا قتر

حتى دعا الدائنُ المليكَ في ثقةٍ
بالستر ، والدمعُ - مِن عينيه - ينحدر

وأصبحتْ قصة تحلو قراءتها
وعِبرة - مِن سَناها - القلبُ يدّكر

© 2024 - موقع الشعر