واصْنعي ما بدا لك! (انتصر لأمه) - أحمد علي سليمان

إنا نطيع الواحدَ القهّارا
ونريدُ جنته ، ونخشى النارا

وجنانُ ربي تحت رِجليْ أمّتي
وبذاك أوصى ربُنا المختارا

ولذا سنفعلُ ما يريد رسولنا
لنكون عند مليكنا أبرارا

كم قدّمتْ أمي الخيور وفيرة
لا نستطيعُ لوفرها إنكارا

كم ناضلتْ في العيش لم تنِ همّة
كم آثرتْ أبناءها إيثارا

كم كابدتْ شظف الحياة ، ولم تزلْ
بإباء نفس ليس قط يُبارى

كم صابرتْ وتصبّرتْ في عيشها
ومن الشدائد لاكتِ الصبّارا

كم رسّختْ قِيماً تبلغنا العُلا
وتجنب المرءَ الشقا والعارا

كم علمتْ أخلاق نحن أساتها
وتتبعتْ في درسها الآثارا

كم ناصحتْ من يستشيرُ ، وأخلصتْ
للسائلين ، وأعذرتْ إعذارا

كم عاملتْ جيرانها بتلطفٍ
واللطف يأسر – إذ يسود – الجارا

كم قامتِ الليلَ احتساباً وحدها
ودموعُها تستغفر الغفارا

كم أنفقتْ سِراً وجهراً تتقي
شحّاً مُطاعاً يجلبُ الأوضارا

كم أكرمتْ ضيفاً فشاد بجودها
ودعا المليك الواحد القهارا

كم أحسنتْ للناس تخطِبُ ودّهم
حتى تراهم سادة أخيارا

كم أخلصتْ للكل دون تحيّز
والكل أودع عندها الأسرارا

كم أودع القومُ الأمانة عندها
واستبشروا بصِيانها استبشارا

كم أنكرتْ فيمن تعاشرُ منكراً
والشرّ يُدفع إن رأى إنكارا

ودَعَتْ إلى المعروف دون تهيّب
ورعتْ حقوقاً أهدِرتْ وذمارا

وتفرّدت بالصالحات على المدى
لمّا غدت خيراً صُوىً وجوارا

سنُجلها دوماً ، ونرعى حقها
ونعيش في الدنيا لها أنصارا

وسنشكرُ المعروف ما بخلتْ به
إذ جحدُه يستجلبُ الأوزارا

ولسوف نذكر من عظيم خِصالها
ونقرّ ما جادت به إقرارا

سنقبّلُ الكفين والرِجليْن في
حب وودٍ يصحبان وقارا

ونسوق تقبيل الجبين تقرّباً
حتى نزخرف بالجمال الدارا

والرأسُ يشهد قبلتين ومسحة
ولسوف نعشق ذلك التكرارا

في الصبح والإمساء ندأبُ في الوفا
ونظل عند سريرها حُضارا

فلتصنعي ما تشتهين صنيعَه
إنا مَللنا في السِجال حِوارا

إن شئتِ فلتسترحميها مثلنا
لنعيش في هذي الدنا أخيارا

يا زوجتي هذي الحياة قصيرة
وأراكِ تُعجبك السنون قِصارا

أعمارُنا يطوي التعاقب عدّها
والله قدّر عنده الأعمارا

ولقد يدورُ الدهر دورته التي
نغدو جميعاً بعدها أخبارا

وتبيتُ مثلكِ جدّة بين النسا
مثل العجائز كن قبلُ عذارى

وتُجرّعين الكأسَ مرٌ طعمها
أوَما سَقيتِ الكل قبلُ مرارا؟

توبي لعل الله يُصلحُ شأننا
كيلا نعيش إلى الممات حيارى

توبي لعلك تُحسنين لكَنَّةٍ
فيها عفافُ النفس ليس يُبارى

إني وعظتكِ ، والمهيمنُ غايتي
من شيب أمي أدركي الإنذارا

© 2024 - موقع الشعر