أحسنتَ وبارك الله فيك - أساءت زوجته لأمه - أحمد علي سليمان

أسرفتُ في الحب ، حتى صرتُ ختارا
وكم حملتُ - لأجل الحب – أوزارا

وكم بذلتُ لمن أحببتُ أحسِبها
يوماً ستكْبِرُ ما بذلتُ إكبارا

وكم تبذلتُ في عشق بليتُ به
حتى استسغتُ هوانَ النفس والعارا

وكم تنازلتُ عن رجولةٍ رخصتْ
حتى غدت لا تساوي اليوم دينارا

وكم تجاوزتُ ما قلّدتُ مِن قِيم
ثم اخترعتُ لمَا آتيه أغذارا

وكم تنصلتُ مِن شرع أدينُ به
فهل حلفتُ على أن أدخل النارا؟

وزوجتي بالذي صنعته فرحتْ
وساعدتني إلى أن صرتُ دَيّارا

وثبطتْ همّتي عن كل عارفةٍ
وأظهرتْ بُغضها - للخير - إظهارا

وأوقدتْ - حول أمي - الحربَ ساعرة
وأشهرتْ سيفها البتارَ إشهارا

وزخرفتْ إفكَها المكذوبَ دون حَيا
وأجبرتني - على التصديق - إجبارا

فأوبقتْ قلب هيمان يحِنّ لها
وأوغرتْ صدره المُلتاعَ إيغارا

فعقّ أما عقوقاً لا حُدود له
وما استطاع - لمَا يأتيه - إضمارا

تلك الرعونة قد أعمتْ بصيرته
فما استطاع لمَا تُمْليه إبصارا

كأنما أمّهُ تمثلت شبحاً
فلا يليقُ بها أن تسكن الدارا

أما شبعتِ مِن التلفيق بؤتِ به؟
وكم جَنينا بما لفقتِ أضرارا

أما اكتفيتِ بما أحرزتِ مِن مِحن
بها حصدتِ متاهاتٍ وأخطارا؟

يا ليت شعري أمَا فكرتِ في غدِنا
في يوم نصبحُ أنباءً وأخبارا؟

أو ليت شعري أما استحييتِ مِن غصص
تؤجّجين - بها - العدوانَ والثارا؟

طردتُ أمي لكي ترضى مُتيمتي
وكم يُضلل فرط الحب أخيارا

فودعَتني ، وما ضجّتْ ، ولا اعترضتْ
بل أرسلتْ دمعها المقهورَ أنهارا

سارت ، وليس لها في الأرض مِن أحدٍ
بعد المليك سوى ابن بات غدّارا

سارت ، وقد رفعتْ كفاً لخالقها
تدعو ، وتعْذِر - للرحمن - إعذارا

تدعو بخير ، وترجو الله ضارعة
وخلفتني - بما قالته - محتارا

ماذا أقول ، وقد حطمتِ والدتي
من يوم آثرتِ سبكَ الكيدَ إيثارا؟

ورغم ذلك تدعو لي ، وترحمني
وتسدلُ الصفحَ - فوق الجُرم - أستارا

وزايلتنا ، فعانينا عقوبتنا
وما التمسنا لرأب الصدع أنصارا

حتى أتتني - من الجبار - نِقمته
وكان هذا - مِن الديان - إنذارا

وأيقظ المرضُ الفتاكُ مُجترماً
وأسفرَ الصبحُ - بعد الليل - إسفارا

وأقبلتْ زوجتي تختال شامتة
فيمن رمى أمّه ، فانهد وانهارا

وأطلقتْ ضِحكة في التو ساخرة
ممن توشّح – بالعقوق - إطمارا

وطالبتني بإجراء الطلاق لها
وصوتها صار - في الأركان - هدارا

فلم أسوّف ، ولم أرفضْ لها طلباً
بل احتفلتُ بما تنويه مُختارا

حتى أفرّغ نفسي للتي رحلتْ
والدمعُ - مِن أجلها - ينساب مِدرارا

طلقتُ صاحبتي الحسناءَ دون أسىً
فلم أعدْ في أمور العيش مِهذارا

ولم أخِلّ بشرطٍ في مؤخرها
ولم أذِع للألى راموه أسرارا

وزدتها فوق ما ترجوه جائزة
إذ زدتها ألف دولار ودولارا

ورحتُ أبحث عن أمي لأرضيَها
وأجعلَ البر مِنهاجا وتِذكارا

حتى ظفرتُ بها ، والبؤسُ مَظهرُها
وخلف هذي البراري تسكن الغارا

تنام - فوق أديم الأرض - باكية
وتلعقُ الفقرَ - رغم الأنف - مِغزارا

وكم تبيتُ لعَمرُ الله طاوية
مِن بعد ما عدمتْ أهلاً وأبرارا

والبردُ يُلجم ظمأى ليس يُسعفها
ماءٌ ، وتغمرُها السماءُ أمطارا

وقلتُ: يا أم عفواً إنني بَشرٌ
وزوجتي أورثتْ حَليلها الآرا

أخلصتُ عِشرتها ، لكنها مَكرتْ
ويَخذلُ اللهُ عبداً عاش مَكّارا

وكم سقتني عقوقَ الأم عامدة
وكم أصرّتْ - على الهجران - إصرارا

وكنتُ أحسِبها تريدُ مَصلحتي
فزدتُ طاعتها - في الكيل – قِنطارا

واليوم بانت ، فقد بانت حقيقتها
وبعدُ طلقْتُ - بعد الزوج - أصهارا

وكم ندمتُ على مَن أنتِ جئتِ بها
برفقة الأهل يا أمّاه أمْرارا

وقلتِ: هذي عروسُ ابني وزوجته
ووجهها فاقَ - في الجمال – سِنمارا

وفوق ذلك هذي البنتُ ديّنة
وكم تردّدُ قرآناً وأذكارا

وسلْ ، وقلْ للبرايا عن عِبادتها
وبعدُ بكْرٌ فهل زهدتُ أبكارا؟

لكنني قلتُ: ليست هذه هدفي
وعنكِ أدبرتُ يا أمّاه إدبارا

حتى ابتليتُ بمن أخليتُ ساحتها
إذ لم تخفْ - في الذي - جاءته جبارا

هي الأيومة يا أمي ، وليس سوى
كيلا أجُرّ عليكِ - الدهرَ - أضرارا

© 2024 - موقع الشعر