جَنَّ الظَلامُ فَمُذ بَدا مُبتَسِّماً - صفي الدين الحلي

جَنَّ الظَلامُ فَمُذ بَدا مُبتَسِّماً
لاحَ الهُدى وَتَجَلَّتِ الظَلماءُ

وَهَدَت مُحِبّاً ظَلَّ في لَيلِ الجَفا
لَمّا هَدا وَاِمتَدَّتِ الآناءُ

رَشَأٌ غَدا مَن سُكرِ خَمرَةِ ريقِهِ
مُتَأَوَّدا فَكَأَنَّها صَهباءُ

وَسَرَت بِخَدَّيهِ المُدامُ بِلُطفِها
فَتَوَرَّدا وَكَساهُما اللَألاءُ

وافى يُعيدُ مِنَ التَواصُلِ ضِعفَ ما
مِنهُ بَدا إِذ صَحَّ مِنهُ وَفاءُ

فَأَلَمَّ بي طَوعاً وَباتَ لِساعِدي
مُتَوَسِّدا وَفِراشُهُ الأَعضاءُ

عانَقتُهُ مُتَرَفِّقاً وَضَمَمتُهُ
مُتَأَيِّداً إِذ نامَتِ الرُقَباءُ

حَتّى اِغتَدى مِن ساعِدَيَّ مُوَشَّحاً
وَمُقَلَّدا وَقَدِ اِعتَراهُ حَياءُ

وَسَطا الضِياءُ عَلى الظَلامِ وَحَبَّذا
لَو يُفتَدى وَلَهُ النُفوسُ فِداءُ

لَم أَدرِ ضَوءَ الصُبحِ أَقبَلَ جَيشُهُ
مُتَبَدِّدا وَلَهُ الشُعاعُ لِواءُ

أَو نورُ شَمسِ الدينِ قَد جَلّى الدُجى
لَمّا بَدا وَلَهُ القُلوبُ سَماءُ

شَمسٌ إِذا ما راحَ تَرقُبُهُ العُلى
وَإِذا غَدا فَكَأَنَّها الحِرباءُ

وَإِذا تَدَرَّعَ فَالسَماحَةُ دِرعُهُ
وَإِذا اِرتَدى فَلَهُ الجَمالُ رِداءُ

مِن آلِ عَبسونَ الَّذينَ إِذا اِنتَمَوا
عَبَسَ الرَدى وَتَوَلَّتِ اللَأواءُ

وَإِذا سَطوا بَكَتِ السُيوفُ وَإِن سَخوا
ضَحِكَ النَدى وَتَجَلَّتِ الغَمّاءُ

قَومٌ بِهُم تُجلى الكُروبُ ومِنهُم
يُرجى الجَدا إِن ضَنَّتِ الأَنواءُ

فَنداهُمُ قَبلَ السُؤالِ وُجودُهُم
قَبلَ النَدى وَكَذَلِكَ الكُرَماءُ

وَهُمُ مُنىً لِمَنِ اِعتَفى وَمَنِيَّةٌ
لِمَنِ اِعتَدى فَسَعادَةٌ وَشَقاءُ

مَولايَ شَمسَ الدينِ يا مَن كَفُّهُ
يَروي الصَدى وَبِها العُداةُ ظِماءُ

أَشكو إِلَيكَ غَريمَ شَوقٍ قَد غَدا
مُتَمَرِّدا ماعِندَهُ إِغضاءُ

شَوقي إِلى عَلياكَ أَعظَمُ أَن يُرى
مُتَعَدِّدا وَيَعُمَّهُ الإِحصاءُ

فَاِسلَم فَإِنَّكَ خَيرُ مَولىً يُرتَجى
أَو يُجتَدى وَلَكَ اليَدُ البِيضاءُ

لا زالَ غَيثُ نَداكَ يُمطِرُ فِضَّةً
أَو عَسجَدا تَغنى بِهِ الفُقَراءُ

© 2024 - موقع الشعر