هُبَل القرن العشرين - أحمد علي سليمان

لكل زمان شياطينه
وشيطانُ – هذا الزمان - الصنمْ

تعاظم – بين الورى - خطبُه
وسادتْ به - في الديار - الظلَم

وأغرى القطيعَ بإغوائه
فأمسى القطيعُ له يحتكم

وأفسد – في الأرض - مستهزئاً
من الحق ، ثم أباد القيم

ففي كل يوم به سهرة
تقدم للناس أقذى الرمم

أشاع الفواحش في عالم
تردّى ، فأهدر كل الحُرُم

وقام بنشر الخنا والزنا
وقاد المفاليس نحو العدم

وروّجَ – في الناس – حب الغِنا
وحب الضلال وعِشق الجُرُم

وساق الخزايا إلى حتفهم
وزجّ بهم في اللظى المضطرم

وأودى بدار تسلتْ به
إلى أن تداعتْ عليها الأمم

وأوقد ناراً لحرب الهُدى
بها المجرمون كمثل السُدَم

ودمّر عِيراً تحنّ له
ولطخ بالوحل نور الهمم

يميناً يُقدّم أخزى الهُرا
ويُشعل في الخلق أعتى الحُمَم

وينشر نيرانه في الغثا
ويخنق بالعُهر كل الغنم

أغانيه فاقت سيوفَ الردى
وكم خلّفتْ – في الورى – من غمَم

وأفلامه أذهبتْ ريحَهم
غزتهم – على الرغم – غزو إرَم

و(ماتشاته) أزهقتْ وقتهم
و(دَوْري) النوادي كمثل الدِّيَم

وحتى الدعاياتُ لم تستح
تُصوّرُ كيف تباعُ الذمم

وتعرضُ حُسناً على مَن غوى
تمطى على دندنات الرُنم

تُتاجر في الدعر وفق الهوى
وفي مِخلبيها تزل القدم

وتعقِر أذواق مَن أعرضوا
عن الحق ، ثم اتبعوا العِمَم

وتقتلُ في الناس معنى الإبا
ومعنى الصعود لِشُم القِمَم

سبيلُ اليهود إلى دُورنا
وسيفُ النصارى لنسف القيم

يُزخرف – للناس - تدميرهم
فلا يشعرون بوخز الألم

وفوق البيوت له شارة
تدُلك أن القطيعَ انهزم

وديستْ كرامة أفراده
فليس له – اليوم – أن يُحترم

تضمّخ – بالعُهْر - تلفازه
فأمسى بإفلاسه ينسجم

وتابع أفلامه لاهياً
وما ردّه مبدأ أو ندم

تمرّغ – في الموبقاتِ - سُدىً
وأمسى – بإفساده يعتصم

فبُشرى لمن أفسدوهُ إذنْ
ومَن خلفوه كمثل الأكَم

ومَن جعلوه صريع الفنا
ومَن ألصقوه بأشقى التهَم

فلا يسمع الحق من أهله
فبالأذنين استبد الصمم

ولا ينطق الحق إما لغا
ففي فمه يستطيل البَكُم

قطيعٌ تعرقل في غيّه
فظل يُردّدُ أخزى نغم

فمَن كان يرجو بلوغ الذرى
ليكفرْ ملياً بهذا الصنم

وبعدُ يُعادي مَصاريعَه
ولا يَكترثْ بفساد النظم

ولا يلتمسْ – في الندامى - هُدىً
ولا يفترضْ فيهمُ من حِكم

نقيضان ما اجتمعا أبداً
نعيمُ الجنان ونارُ الجَحَم

فإما عِبادة رب الورى
وعيشٌ تعزز وفق الدِّعم

يُوافق قرآنَ قيومنا
وهديَ النبي فنورٌ تمَم

وإما عبادة تلفازهم
وعيشٌ يُعشعِشُ فيه السخم

حمانا المليكُ مهاويْ الردى
وجنبنا الله حتى اللمم

© 2024 - موقع الشعر