مع سبْق الإصرار والترصّد - أحمد علي سليمان

كم عجبتُ ، وهالني استغرابي
وانتحبتُ حتى دهاني انتحابي

وانفعلتُ حتى طواني انفعالي
والبرايا حولي يقولون: ما بي؟

واشتغلتُ بالشعر أنقدُ وضعاً
منه طمّتْ دَغاولي وعذابي

كيف نِيل الإسلامُ سِراً وجهراً؟
إنني مما قلته في ارتياب

كيف هذي الشريعة اليوم غابت
والبرايا لم يشعروا بالغياب؟

كيف هدْيُ الكفار طوعاً غزانا
في القرى هبّتْ ريحُه والقِصَاب؟

والخنوعُ أوهى قوانا مَلياً
وي كأنا لم ندْر هولَ المُصاب

فانبطحنا للغرب لمّا ضعُفنا
والديارُ عانت عتيّ الخراب

وانطلقنا نحو السقوط سِراعاً
والتردّي من بعض سوء العِقاب

والخطايا أمستْ تروحُ وتغدو
ذهبتْ بالشيّاب قبل الشباب

والزنا عمّ الدار في كل وادٍ
وانحدرنا بدون أي احتساب

والبغايا يلهثن في كل صُقع
بشعور توشّحَتْ بالخِضاب

بيعتِ الأعراضُ الرخيصة جهراً
طوعُ مَن يبغي ، دون أي اغتصاب

مِن وراء المجهول جئن إلينا
كي يعشن كالعاهرات القِحاب

كل أنثى تلقي بكارتٍ ودعوى
أنها تهدي حُسنها للصِحاب

يا ترى هل عصر الجواري دهانا
حيث تشرى بخساً حِسَانُ الكِعاب؟

هل تولى النخاسُ أمرَ إماءٍ
في يدٍ سوط خلف كأس شراب؟

ثم في الأخرى كيسُ أخزى نقودٍ
والإماءُ يُذعنّ دون ارتعاب

أيها النخاسُ المقامرُ هذي
فتنة شعوا آذنتْ بخراب

مع سبق الإصرار تغري بجيش
من إماءٍ يجرين خلف السراب

أيها القوّادُ المُرابي دِياري
بك صارت مُستنقعاً للتباب

لن يدوم هذا التردي طويلاً
فاطرح الهزلَ والهوى والتصابي

سوف تُرمَى بالنعل عما قريب
إنما النصرُ مُؤذنٌ باقتراب

© 2024 - موقع الشعر