مجرم مع سبق الإصرار والترصّد - أحمد علي سليمان

من أين هذا الضلالُ والدَغلُ؟
وهل تساوى الرشادُ والخبلُ؟

كم كنتُ مخدوعاً في الذي خبثتْ
منه الطوايا والقولُ والعمل

كم كِلت فيه المدحَ المليء هوىً
ما ردني - عن أمداحه - خجل

ألفيتُ لفظي يُطريه يحسبه
برُشده بات يُضربُ المثل

والحق أني ما كنتُ أعرفه
ولم يكن مِن مُعلمي الرجل

بل قلتُ فيه الذي خدعتُ به
حتى بدا لي التضليلُ والخطل

أبو العلاء الذي انزلقتُ إلى
عزيفه إذ تبعتُ مَن غفلوا

تخرّصاتٌ ومَحضُ فلسفةٍ
تشوبُها الحذلقاتُ والدَغل

لم تحْو رُشداً ولا مناصفة
وما لها منطقٌ ولا ثِقل

قادت - إلى الهرطقات - قارئها
وزلزلت فطنة الألى عقلوا

وحطمت كل مَن يُطالعها
إذ - في ثنايا سطورها - الضلل

وإن تحلتْ بما يُجَمّلها
وزخرفتها الرموز والجُمل

وازينت - بالجَمال - يَغمرُها
وأصبحتْ - بالبيان - تحتفل

وطاب أسلوبُها لعاشقهِ
كأنه - للحبيبة - الغزل

لكنها كالسموم قاتلة
فهل بسُم يُتبّل الأكُل؟

وهل يسُب التقيّ خالقه؟
يزجي الأباطيل لُبها الدجل

وهل يعيب اللبيبُ شِرعته؟
شأنَ الألى – بالمليكِ - قد عدلوا

وهل يُهين النبيّ تابعُه
إلا إذا اغتال عقله الهبل؟

هذا (المعري) العمى تعقبّه
حتى انتهى - في الضلالة - الأجل

أعني عمى القلب والعيون معاً
مهما يكون اللجاجُ والعِلل

ذا مجرمٌ ليس الحق مذهبَه
بل عاش فحوى الرشاد ينتحل

وسبْق إصراره الطريقُ إلى
فضيحةٍ - في الأنام - ترتذل

© 2024 - موقع الشعر