أخرْتُ عمّنْ هان رد سلامي!(أعارض حمزة شحاته) - أحمد علي سليمان

أخرتُ عمن هان ردّ سلامي
إذ إنه لم ينتصتْ لكلامي

ألفيتُهُ لا يرعوي لنصيحتي
مستهزئاً بمواعظي ومَلامي

مستعذباً أخطاءه كلِفاً بها
ومجاهراً بالهُزء والآثام

ومغازلاً بعضَ النساء تحايُلاً
حتى أصيبَ مِن النسا بسهام

ومُواعداً هذي ليلتقيا معاً
مِن بعد أن مُنِيا بطيف غرام

ومُعشّماً أخرى بلقيا في المَسا
لتطيبَ أمسية مع الأنغام

ومُناولاً أخرى أجندة لهوهِ
فيها تُباعُ الغِيدُ بيعَ سوام

فيها المواعيدُ الوضيعة رُتبتْ
بتناسق ورويةٍ ونظام

فيها الكؤوسُ تعتقتْ لمن اشتهى
ليُهيج قيسَ الحب كأسُ مُدام

يا قيسُ ويحك كيف بعت وصالنا
أوَلا تحسّ بنوبة استذمام؟

أوَليس في قلب المُتيّم نخوة
كي لا يكون ضحية اللوّام؟

أوَليس يَقدُرُ للأمور عواقباً؟
مَن – في الذي يأتيهِ – عنهُ يُحامي؟

يا ليت شِعري كيف شط به الهوى
وكأنهُ في عالم الأحلام؟

أنساهُ عِشقُ الساقطات حليلة
تأوي إليه برقةٍ وهُيام

لم تَنسهُ أبداً ، وإن هو باعها
وتراه كل الأهل والأرحام

وترى محبته الحياة بأسرها
وبرغم ما تحوي من الآلام

وترى مَطالبه السِماجَ أوامراً
فتقومُ بالمطلوب خيرَ قِيام

وتعيش تنظرُ للحياة بعينه
حتى رأتْه مُسربلاً بظلام

ماذا جنيت سوى خسارة حبنا
إن كنت تذكرُ حبنا المتسامي؟

وتقول: ما لي لا أرد تحية
ألقيتَها مشفوعة بسلام؟

وتقول: شأنُ الغيد يُبدين الجفا
أنا ما جفوتُ ، ولا بدأتُ خِصامي

لا ترم بالظن البريئة ، واعتدلْ
فاللفظ يَخترقُ الحشا كحُسام

والوصفُ يَصْدقُ في اللواتي بعتني
مِن أجلهن بعقلك المُنضام

أنا والذي رفع السما معذورة
وكفى الذي ألقاه من إيلام

بالهزل أنت جعلتني أضحوكة
بين النساء ، ألوكُ مُر سقامي

وسقطتَ في الأوحال دون مبرر
ورتعتَ في التشبيب والإجرام

وتخذتَ أخداناً ، فصرتَ مُسافحاً
أوَليس ما قد جئتَه بحرام؟

وتقولُ أني لم أكنْ أخلصتُ في
حبي ، فما شرط الوفا بلِزام

يا كاذباً في الحب أقصرْ ، واصدُقنْ
فالصدقُ طبعُ المُخلص المِقدام

وفيتُ لكنْ خنتني وجرحتني
وغمرت دربَ الحب بالألغام

وغدرت بي عمداً بدون جريرةٍ
وإذا اعترضتُ فكنتَ أنت تُعامي

وحكمتَ حكماً في القضية ظالماً
لمّا حكمتَ عليّ بالإعدام

وحرمتني من أن أبين حُجتي
ومَطاعني في سيء الأحكام

وكأنه حكمٌ نهائيٌ فلا اس
تئنافَ أو شيئاً من الإبرام

وتقول عني: حَرّمتْ أو حَللتْ
أو جاهرتْ – لمّا اعتدتْ - بحرام

أنا لم أحِلّ ، ولم أحرّمْ بالهوى
أنا لم أخالف شِرعة الإسلام

أنت الذي خالفتها متبرماً
وشمخت عن وعظي بالاستعظام

وتقول لي: فلتذكري عهدي وخا
في ربنا الرحمنَ في استسلامي

عجباً أتقتل من تريد وتختفي
وتلي جنازته بالاستلئام؟

أنت الذي خنت العهودَ جميعَها
يا مؤمناً بالواحد العلام

أوَليس ميثاقا غليظاُ عقدُنا
باسم الزواج ، وخُصّ بالأختام؟

فما تُسمّي عَقدَ بائعة الهوى
يا صاحب التنظير والأفهام؟

أفتاة ليلِك عَقدُها لك شافعٌ؟
أين المروءة يا أخا الإسلام؟

أوِلست تذكرُ يوم جئت ديارنا
وعليّ كان العقدُ بين فئام؟

أين الحِفاظ وقد خرقت بنودَه
وبدون إكراهٍ ولا إرغام؟

وتقولُ لي: لولا رجاؤك في الوفا
لكرهتَ عيشَك في ربوع هُيامي

أين الوفاءُ وأنت تقتلُ عِشقنا
وتعيشُ أشقى خِدعةٍ وفِصام؟

في الصبح زوجٌ فاضلٌ متفضلٌ
يعطي ويُنعِمُ وافرَ الإنعام

ومساؤه للغيد منبطحُ الإبا
مثلُ الخروف يُحاط بالأغنام

عُذراً إذا صرّحتُ دون تحفظٍ
أو كان كالهنديّ بعضُ كلامي

هل يا تُرى زيرُ النساء مُكرّمٌ
حتى وإنْ مِن ماجدين كِرام؟

لا لست منهم ، أنت فردٌ آخرٌ
شتان بين أماجدٍ ولِئام

فلربما كانوا ، وأنت تُشينُهم
والأمرُ ليس بنسبةٍ وأسامي

لو أنهم بُعِثوا وعاشوا بيننا
خلعوك ، أنت تُصيبُهم بالسام

لا تذكر الأقوامَ كانوا عِلية
واليومَ أنت معرة الأقوام

بادوا ودامت سيرة ومسيرة
مَن ذا يُباري مَجدَهم ويُسامي؟

لك هل يكون لسانُ صدق مثلهم؟
ما للتدني المَحض أي دوام

وتقول عني: لم أبادلك الهوى
وقصيدتي هذي دليلُ غرامي

إن لم أحبك لم ألمْك لحيظة
واللومُ أشعلَ – في الفؤاد - هُيامي

إن لم أغِرْ يوماً عليك رأيتني
لا أرعوي لسعير قلبي الدامي

وتقول أنك صرت عبداً في الهوى
فلم انتهجت عبادة الأصنام؟

وهواي من هذي الزيوف مبرؤٌ
والكل يدرك سُمعتي ومَقامي

وتقول: روحُك في البلاء ليَ الفِدا
يا من صبغت خواطري بسُخام

أنت الذي لمّا انحرفت قتلتني
وطعنتني في مقتل بحُسام

شتان بين الحب يُشرقُ نوره
والحبِ يُوأدُ في دجى الإظلام

وهل استوى عذبُ الشراب بمِلحه؟
شتان بين المُر والدمدام

أنت الذي دمرت طيّبَ حبنا
وأحلت ذكرى الحب بعضَ حُطام

بلهاثك المسعور خلف دواعر
متمرغاً في التيه والأوهام

فرضابُ هذي المَن يَسحَرُ مَن حَسا
ولتلك في الغادات حلوُ قوام

وحجابُ هاتيك الرياحُ مضتْ به
فإذا الجمالُ يطيحُ بالأحلام

وتكسّرُ الهيفا يُزيّنُ مَشيَها
والمشيُ يروي كل صب ظامي

وخضوعُ فاتنة بسامر قولها
يسبيك أنت فتنت بالأنغام

هذا التبرجُ والسفورُ رذيلة
ذهبتْ بعينَيْ أشيبٍ وغلام

وفريسة الغادات أطلقَ عينه
فاستُبدلت نظراتُها بسهام

مَن صاد مَن بين الورى يا صاحبي؟
أصطدتها لنصاعة الدرهام؟

أم يا تُرى صادتك بالحُسن الذي
أغرى كحُسن سوائم الأفلام

أرسلن للعينين أمضى أسهُم
والقلبُ ما عانى لظى الإيلام

ولو اتقيت لمَا أصِبت بطعنها
ولمَا اصطليت بذا اللهيب الحامي

إن التفاخر بالسواقط مَطعنٌ
يأتيه شرُ طوائفٍ وطغام

وأراك تفخرُ بالقبيلة والألى
رحلوا ، فأنت مُزايدٌ وعِظامي

كم كنتُ أرجو أن تجوز سبيلهم
وفق الشريعة مثلَ كل عِصامي

لا تُشْهرنْ سيفَ المَلامة ، وامتثلْ
أدبَ الحوار ، وقلْ صحيحَ كلام

وسل الإلهَ التوبَ ، والتمس التقى
والهجْ لمولانا بالاسترحام

إن تبتَ مِن ذنب أزفُ تحيتي
وأزيدُ مَكرُمَتي وعذبَ كلامي

وأعودُ للزوج الكريم حبيبة
وأخصّ لقياهُ بطرح سلامي

© 2024 - موقع الشعر