ليتك ترى يا عمر - أحمد علي سليمان

لولا مُنَازَعَةُ الحَنينِ لمَا بَكَت مُهَجاتُ
ولما استكانتْ للجَوَى العَبَراتُ

ولمَا استبدتْ بالقلوب طُيوفُها
ولما تعالتْ في المَدى زَفَرات

ولمَا تمادى في أساه مُتيَّمٌ
ولما تسامتْ في الدجى آهات

ولمَا تعذبَ في المذلة عاشقٌ
ولما علتْ بين الورى صَرَخَات

ولمَا تحدّر مِن عُيونٍ دمعُها
ولما تلظتْ بالصَّدى النَّظَرَات

ولمَا تمرّغ في الجَوى مُتَوَلَّهٌ
أبداً ، ولم تُسمع له خَفَقَات

إني أَبِيتُ على جراح مَدامعي
تبكي عليَّ مَشَاعِري النَّضِرات

فَتَّ الفِراقُ حُشَاشَتِي وترائبي
تَعِسَ الفِراقُ تقودهُ الطعنات

(يا أيُّها الفاروقُ) بُعدُكَ قاتِلي
ذاب الثباتُ ، وخارتِ العَزَمَات

والبَين يا ولدي أليمٌ وَقعُهُ
فوق القلوب ، لهُ بها غَمَزات

وأنام يُقلقني السهادُ ، ولا أرى
(عُمَرَ الفداءِ) ، فقد مضتْ بَسَمَات

أين الرضيعُ ينير بيتاً مظلماً؟
غاب السراجُ ، فحلتِ الظُّلمات

أين الجَمَالُ له ابتسامةُ مُغرَمٍ؟
رحل الهزار ، وزالت النَّسَمَات

أين الحياةُ؟ وأين شَهدُ رِضابها؟
كيف استكانت للظى الكلمات؟

أين القريضُ معطراً متبسماً؟
مات القصيدُ ، فما به نَبَضَات

صارح (أبا حَفصٍ) ، ألا هل عودة
تنسابُ في أرحابها البَرَكَات؟

أنت اليُنُوعة في طلاوة مَهدها
ودُماكَ مِن أثر الشقا أَكَمَات

أنت الصِّبا ، والحسنُ فيك طبيعة
فارقتَنَا ، فاهتاجتِ الخَلَجَات

هلاَّ أعدتَ إلى النفوس بَهَاءَهَا
ونفحتَنا ، إنَّ الهنا نَفَحَاتُ؟

أنا (يا أميرَ المؤمنين) مُمَزَّقٌ
أهفو إليك ، تشوقٌني النَّبَرات

أستعجلُ الأقدار رحمةَ ربِّنَا
يَشفيكَ ربِّي ، والشِّفاءُ هِبَات

للهم فاشفِ حبيبَ قلبي إنِّهُ
(عُمَرُ السماحةِ) ، والهَوَى لَفَحَات

(يا أيَّها الفاروقُ): أنتَ ربيعُنا
أنتَ الغمامُ تسوقه القُربُات

لما رأيتُكَ لا تجود بهمسةٍ
ساءلتُ ، واشتدتْ بيَ الغمرات

ورأيت رأسَكَ والدوارُ يلفها
ويَرجها ، فاهتاجتِ الحَسَرات

ورأيت كفك ليسَ تُمسِكُ بعضَها
مثل الكتاب ، وما له صَفَحَات

ما إن رأيتُك لا تحرك ساكناً
حتى علت بضميريَ الدَّعَوَات

(عُمَرَ الوفاء) شفاكَ ربك عاجلاً
ولتذهبِ الأوجاعُ والرَّعَشَات

لو أنَّ عينَكَ أبصرتني هكذا
لرحمتني ، إنَّ الوفا تَبِعَات

رباهُ ، أذهبْ بأسَهُ وشكاتَه
وارحمهُ من مَرِضٍ بِهِ كَبَوات

© 2024 - موقع الشعر