عزاء الكلبة الراحلة! (مساجلة عشماوية) - أحمد علي سليمان

قبلتُ عزاءك في الراحلة
وأهدي القبولَ من العائلة

شكرنا العزاء ، وذبنا جوىً
وعانى الجميعُ من النازلة

حَزنّا على موت محبوبةٍ
ومَوكبُ تشييعها قافلة

وعِطرَ جُثمانها أهلها
بأكبُدَ مِن فقدها ثاكلة

وغسلها الكل ، ما قصروا
ولم يأكلوا أجرة الغاسلة

وجاءوا بماء وسِدر ، ولم
تُفارقْ جموعُهُمُ الحافلة

كأني بأطيافها تنثني
على البهو خارجة داخلة

تُذكّرني بالتي فارقتْ
ولمّا تكنْ في الردى سائلة

فتدمعُ عيني على من ثوتْ
وطال انتحابي على الراحلة

وكابدَ قلبي اجترارَ الأسى
فأمسى كما الوردة الذابلة

وصارعتُ كربي ومُرّ الضنا
بروح لمَا تلتقي خاملة

صديقة عمري ومعشوقتي
ومَن لي على هذه الشاكلة؟

تُفارقني اليومَ مُلتاعة
ونفسي لآهاتها حاملة

وأين أخبيءُ مكياجها
وقِنينة رِيحُها جائلة؟

ودفتر شيكاتها والدوا؟
وطعمتُها تنشد الآكلة؟

وكأس الشراب عليها بكى
بعين لفرط النوى هاملة؟

ويبكي السرير ، ويبكي الغطا
بأدمُعَ مُهتاجةٍ هاطلة

وغرفتها تشتكي فقدها
وتسألُ عن عودة الراحلة

وسشوارها أخمدتْ ناره
و(فيشته) أصبحتْ عاطلة

وصندوق صابونها مُقفلٌ
فأبئسْ بأيدٍ له قافلة!

وصفتَ شعوري الذي لم تكن
أشرتَ إليه ، ولو فاصلة

أراك شُغلت بجُرمي الذي
يتوقُ لمحكمةٍ عادلة

تُحاكمُ عبداً طغى وافترى
ووجّهَ آلته القاتلة

وقاد الحروبَ بلا غايةٍ
ولم يكُ يسأل ما الحاصلة؟

وساق الجنود إلى حتفهم
فناقلة خلفها ناقلة

وألقى القنابل فوق الدنا
ووجّه نيرانه الهائلة

ودكّ الحُصُون بلا رحمةٍ
وكانت إبادته الشاملة

وأودعَ في السجن مَن قاوموا
وأصدر أحكامَه الباطلة

وضحّى بمليون طفل قضَوْا
ومجموعُهم ودّعَ العاجلة

وتسألني اليوم عن قتلهم
عليه أرى الأجرَ في الآجلة

لمجد بلادي عملتُ لذا
جهدتُ لأدركها فاضلة

فهوّنْ عليك ، ولا تهجُني
بلهجتك الفجة العاذلة

وتسألني رحمة بالورى
كرحمة كلبتنا الراحلة

وهل أدركوا شأنها لحظة
لتُدركهم رحمتي الكاملة؟

أراك تُغالط فيما ترى
فغيّرْ مفاهيمك الجاهلة

ولا تكُ في الحكم مستنكفاً
ودعك من الفتنة الهازلة

وراجعْ قصيدَك ، كُنْ مُنصفاً
وزايل طريقتك الخاتلة

أرى (سبوت بنت ميلي) غادة
بمليون منكم بلا غائلة

© 2024 - موقع الشعر