في مدح الرسول! (مساجلة عشماوية) - أحمد علي سليمان

طلع الصباحُ على الورى والدارِ
وأبادتِ الظلماءَ شمسُ نهارِ

والنورُ غطى الأرضَ حتى أشرقتْ
أيسُودُ دَيجورٌ مع الأنوار؟

وتبسمتْ أصقاعُ (مكة) كلها
بعد انهمار السيل بالأمطار

وأتى النماءُ لبيئةٍ كم أجدبتْ
فإذا بها غمرتْ بخير ثِمار

والخيرُ عم الدار بعد رحيله
واستبشرتْ بالخير سُوحُ الدار

بعث (النبي) فيا خليقة أبشري
وتجلببي بالشرع خير إزار

لا لاتَ ، لا عُزى ، ولكنْ منهجٌ
يسمو بهم للواحد الجبار

سيُجدد المُختار دين مليكه
وسيرتقي الإسلامُ بالمختار

سيودعُ الأقوامُ باطلَ مَن مَضوْا
وسيُسْلمون وجوههم للباري

سيُودعون سُلومَهم ورُسومَهم
تلك التي بقيتْ مدى الأعصار

وستنتهي عاداتُهم إنْ أسلموا
كي يُحشروا في زمرة الأبرار

وستنمحي الأعرافُ ما ارتفعتْ بهم
عاشوا بها كالغيّب الحُضار

جاء النبيُ بشِرعةٍ وَضاءةٍ
لتُجنبَ الهلكى لهيبَ النار

جاءتْ لترحم مَن أناب لربه
وأقام دين الخالق الستار

جاءتْ لتُنذر مَن تكبّر أو طغى
وتُقيمَ حُجتها على الكفار

جاءتْ كمثل البدر ينشرُ نوره
متألقاً في البيد والأمصار

نسختْ تراث الأنبياءِ جميعِهم
فتفردتْ بدقائق الأسرار

قصّتْ علينا عن أناس قد مضوا
دُرراً مِن الأنباء والأخبار

وأتتْ بأحكام إذا ما طبقتْ
ينجو مُطبقها من الأخطار

وانظر لأحوال الورى من قبلها
أعداءَ عاشوا عيشة الأشرار

لا شيء يَجمعُهم سوى أهوائهم
فتمثلوها في أذىً وضِرار

وتمرغوا في الجاهلية والشقا
في شر عيش مُؤْذن بخسار

وأدوا البناتِ ، ولم يُراعوا حُرمة
خافوا الفضيحة تنتهي بالعار

وخمورَهم شربوا فغالت وعيَهم
فاستسلموا للراح والخمّار

واستبسلوا في حرب كل فضيلةٍ
وتمسّكوا جداً بأخذ الثار

وأتوا بمَيسِرهم ليُقرع بينهم
بأوامر الرهبان والأحبار

وإذا القِمار بقده وقديده
أبئسْ بقوم جُندِلوا بقِمار!

واستقسمَ الأقوامُ بالأزلام ، هل
تتحكمُ الأزلامُ في الأقدار؟

وسبيلهم قطعوا ، ولم يتمثلوا
خلقَ الأكارم أو حقوق الجار

وأتوْا مَناكرَ - في النوادي - جهرة
ومَن الذي يقوى على الإنكار؟

وتعبدوا الأصنامَ أين عقولهم؟
أسفي على الألباب والأبصار!

حتى أتاهم بالهداية (أحمدٌ)
فمحا الضلالَ وسيءَ الأفكار

وأعاد للدنيا ربيعَ حياتها
إذ جاء (جبريلٌ) بصحن الغار

ويقول: (إقرأ) يا محمد ، فاعترى
قلبَ النبي الخوفُ دون قرار

ويُعيدها فيقول لستُ بقارئ
والقلبُ مرتجفٌ من الإحصار

فيعيدُها (اقرأ) ، والفؤادُ به جوىً!
اقرأ بإسم الواحد القهار

هو من برا الإنسان من علق إل
هُ العالمين ، وجلّ شأن الباري!

هو أكرمٌ ، هو علم الإنسانَ ما
لم يدر ، عز وجل من غفار!

ودعا النبيُ إلى الهداية قومَه
متحملاً ما كان من أضرار

فأطاع قومٌ مخلصون أماجدٌ
أكرمْ بأفذاذ من الأخيار!

وعصتْ فئامٌ أظهرتْ إعراضها
لما أصرت غاية الإصرار

ألا تكون من النبي وحزبه
بل أمعنتْ في البُعد والإدبار

ثم التقى الجمعان في ساح الوغى
وجرتْ دماءٌ مثلُ نهر جار

وعلى هُدى الإسلام ماتت فرقة
وُعِدتْ على هذا بأشرف دار

وعلى الضلال المحض ماتت فرقة
إذ إنهم وُصِموا بالاستكبار

رضيَ المليكُ عن الصحابة هاجروا
وعن التقاة الصفوة الأنصار

يا رب صل على النبي المصطفى
مادام ليلٌ جاء بعد نهار!

وعلى الأكارم آل بيت (محمدٍ) ،
والتابعين – لنهجه - الأطهار

© 2024 - موقع الشعر