ابن باز قلعة العلم! (مساجلة عشماوية) - أحمد علي سليمان

خبرٌ تعدى طاقة السلوانِ
ودهى فؤادي ثم غال جناني

طارتْ به الآفاقُ ، حتى جاءني
والقلبُ غصّ بدمعه الهتان

كم قِيلَ مات الشيخ من عهدٍ مضى
فإذا بها في الناس كذبة شاني

بئس الإشاعة لا يكف أوارها
بالكيد إذ تحتاجُ للبرهان

لكنّ خُبْرَ اليوم خُبْرٌ صادقٌ
كلماتُه نسجتْ من الأحزان

وعليه من ألم الفجيعة معلمٌ
كرسالةٍ قرئتْ من العنوان

الموت حقٌ ، والجميعُ إلى الفنا
والملك يوم البعث للديان

لكنه ألمُ الفراق ووقعه
والنفس تكره أن تعيش تُعاني

ولئن رضينا بالمقادر والقضا
لكنه خطبٌ عظيمُ الشان

أنا يا (ابنَ باز) قد فجعتُ بموتكم
وأتى الذي ما كان في الحُسبان

ما كنتُ أحسِبُ أن موتكمُ لظى
يكوي الفؤاد كجذوةٍ من نار

إني احتسبتُك عند ربي شيخنا
ومن الذي يرضيك كالرحمن؟

وأرى شريط الذكريات مُرجّعاً
من ذكرياتك والمَعين الداني

ومحاضرات قل أن تلقى لها
ولمُجتبيها من نظير ثاني

حبّرتها ، ونفحتها ، ونشرتها
في العالمين بدقةً وتفاني

ومناظرات فاح عطر أريجها
وبها عِظاتٌ غضة وحواني

لم تنهر الخصم الذي هو كارهٌ
بل في اللقاء تقابل الخصمان

وإن استطال الخصم لما تستطل
وكذاك لم تجنحْ إلى العُدوان

بل كنت ترجمه بحجة واثق
خبرَ الجدالَ بمنطق القرآن

ووعى حديث المصطفى ورجاله
ووعى كذلك سُنة العدنان

وله على الإسلام أصدق غيرةٍ
مشفوعة بنصاعة العرفان

وله على الفتوى رصينُ أمانة
إن (ابن باز) عالمٌ رباني

وتميّزتْ حلقاته بوضوحها
وإجابة الفتوى بدون تواني

متحملاً ما قد يجر صراحة
من كل مجهال ومن دُهقان

كم صد بدعة مفتر متخرص
دنس السريرة مقرفٍ فتان

كم عطر الدنيا بطيب علمه
كم ذر نور العلم في البُلدان

وأعاد للدنيا (ابن حنبلَ) رافعاً
علم الشريعة في ربا الأوطان

حتى إذا رحل افتقدنا عالماً
عف الطوية صادق الإيمان

إنا لنحسبه ، وربي حسْبُه
ووكيله المتعال ذو السبحان

رباه فاغفرْ لابن باز ذنبه
وامحُ الذي قد كان من عصيان

رباه واشمله بوافر رحمةٍ
وأجُره يا ربي من النيران

رباه أكرمْ يا مهيمن نزله
ومن الذي يُقري قِرى الديان

رباه أخلفْ للخلائق غيره
وارزقه بذل العلم والإحسان

وأحطه بالطلاب يرجون الهُدى
واجعلهمُ من صفوة الأعوان

واجمعْ على الخير الجميع إذا اهتدوا
واجعلْ لهم شيئاً من الفرقان

© 2024 - موقع الشعر