لن أتقبل عزاءكن! (لم تقبل إفساد النساء حياتها) - أحمد علي سليمان

عزاءُ الهازلات عليّ عاتِ
ولا أرضى بهذي الترّهاتِ

وقد بانت - لرائيها - النوايا
وقد جفتْ دموعُ الشامتات

وجلى الزيفُ ما حملتْ قلوبٌ
خلتْ مِن كل ألوان العِظات

وأسفرتِ المتاهة عن نفوس
تُفاقمُ بالعِناد المشكلات

وأرشدني العزاءُ إلى صوابي
ولم أعملْ بتوصية العِداة

تطرقتنّ للتسريح حَلاً
وإطفاءً لنار المعضلات

وأعميتنّ – بالتحريض - قلبي
وخمّشتن كل توجعاتي

وأعملتنّ سيفَ الحقد ردحاً
فقطعتُن - بالحقد - الصِلات

وضخمتُنّ أمراً كان سهلاً
ودمرتنّ صرحَ المَكرُمات

وأفسدتنّ ذات البين عمداً
وحطمتنّ عندي الذكريات

وقسّيتنّ قلبي بالتحدّي
فلم يدركْ شموخ التضحيات

وزهّدتنّ قلبي في المعالي
لذا لم أحتفلْ بالأمنيات

وأسلمتنني للظى انتقامي
إلى أن ضقتُ ذرعاً بالحياة

وما الثكلى كمن ناحت ترائي
لقد فقتنّ كل توقعاتي

وكم قد حار فكري في ولايا
أقمن - على الشمات – البينات

وفي الأحداق سال دمُ المآقي
يُؤجّج - في الفؤاد - المُوجعات

وفوق خدودهن الدمعُ يكوي
ضميراً هدّه عدمُ الثبات

يولولنَ انتحاباً في مصابي
فهل زوجي توشّح بالوفاة؟

ويُلهبن الجوى في قلب ثكلى
فيجرفني عذابُ تحسّراتي

ويُلقين الكلامَ له بريقٌ
كأني قد بُليتُ بشاعرات

وأحياناً يُدهدهن احتمالي
فبت فريسة للمُرجفات

ونلن من الحليل بدون حق
وبعدُ جَرحن عاطفتي وذاتي

كأني بالمَلام يُذيب نفسي
ويدفعني لفعل السيئاتِ

ولو أني انتبهتُ لكان خيراً
ولكني أطلتُ تأمّلاتي

حسِبتُ النصحَ يَصدر عن نساءٍ
تعافُ نفوسُهن المُوبقات

وكم أخطأتُ إذ أحسنتُ ظني
بنسوان تُحب المنكرات

فواحدة تحرّضُ: دعكِ منهُ
بكيدٍ يرتدي ثوبَ الوَصاة

وتُهدِرُ حق زوجي بالتجني
وتلعنه ، وتأمرُ بالسُكات

وثانية على الأولاد تقسو
وتحملني على هجر البنات

تقول: دعيه في الدنيا يُعاني
بأولادٍ لهم أشقى الصفات

ليُحرمَ راحةَ العيش انتقاماً
ويُحرمَ مِن مُراودة السُّبات

وثالثة تُشيرُ بقتل زوجي
تماماً مثل ذبح الأضحيات

ووضع اللحم في الأكياس حتى
يُقسّم للأوابد في الفلاة

ورمْي العظم في البحر احتقاراً
لزوج كان من أطغى الطغاة

ورابعة تفاضل بين موتٍ
وبين زواجه الغضّ المُواتي

فتمتدحُ الوفاة على نكاح
بأخرى ، ثم تُغري بالممات

كأني إن يمتْ بعلي سأحيا
أرجّعُ في الحُداء مع الشُّداة

وخامسة تقول مُري فريقاً
شديدَ البأس مِن أعتى العُتاة

فهم سيخلصونك مِن حليل
مصابُ زواجه في السر عات

ولا تستكثري شيئاً عليهم
فإن جَميلهم يزنُ الهبات

وسادسة تطالبُني بعشق
لغير الزوج مثلَ الفاسقات

فأرضخ للخدين ، ولا أبالي
وأمسِي كالنساء الفاجرات

وأسْلم - للعشيق زمام - أمري
وأهزلُ مثلَ كل الجاهلات

وأشربُ - من رقيع العشق - كأساً
تعتق في حَضيض المَعصيات

وسابعة تقول ليَ: اقتُليها
وتوبي ، واقتدي بالصالحات

أأقتل زوجةً عُصِمتْ بنص
وأكتَبُ في سجل القاتلات؟

أريقُ دمَ البريئة دون حق؟
فهل أنا من شِرار المُجرمات؟

وثامنة ترى في الخُلع حَلاً
لأنهيَ ما تمخض من شَكاة

وأبوابُ المحاكم في انتظاري
لأدخلَ ثم أحكيَ للقضاة

وأكشفَ سر عائلتي وزوجي
ويلفحَني جحيمُ الحادثات

وليس بنافعي خُلعي ، ولكنْ
لأرضيَ - بالطلاق - صُوَيحباتي

ويشمتَ فيّ مَن دمّرن بيتي
وعني قد نسجن الشائعات

وألقين الدغاول في طريقي
وعرقلن المسير بالافتئات

وزخرفن الأدلة نُصب عيني
فكانت كالشِباك المُلقيات

وتاسعة رأيتُ لها لعاباً
يسيلُ كدفقة الماء الفرات

كأن لُعابها يَشفي غليلاً
يَفور من الغداة إلى الغداة

تقول: تزوّجي حتى تعودي
شباباً فيه شتى المُغريات

وخلي عنك أولاداً وزوجاً
ولا تخشَيْ شِماتَ الأخريات

فبيتك سوف تغمرُه الذراري
من الثاني كباقي الوالدات

وعاشرة تحض على التحدي
كأني في مُنازلة الكُماة

وتأمرُني بأخذ الثأر جبراً
كأني في مواجهة البُغاة

يمينَ الله أوغرتنّ صدري
بهاتيك الوصايا المُغرضات

ولو أني أخذتُ بها لضاعت
كرامةُ أسرتي وإباءُ ذاتي

ولو أني انتهجتُ لكُنّ درباً
لخانتني مناراتُ الجهات

وماذا قد جنى زوجي ليُرمى
ويُنعى؟ يا لتدجيل النُّعاة

تزوجَ ، والتعددُ شرعُ ربي
فهل هذا يُضيرُ المؤمنات؟

وزوجي قد بنى عِزي وجَاهي
وأعطاني جزيل الأعطيات

ولم يبخلْ بعارفةٍ بتاتاً
ولم يكتُم - عن الناس - العِظات

وينصحُ في هدوءٍ واصطبار
لأن النصح يُثمرُ بالأناة

وفي التقوى له لونُ اجتهادٍ
ومَن أنقى مِن القوم التقاة؟

وإني قد رجعتُ إليه طوعاً
أقبّلُ كفَّ أستاذ الدعاة

وأُعلنُ توبتي من كل ذنب
وإن الله مولى التائبات

© 2024 - موقع الشعر