كلبها كل شيء في حياتها! - أحمد علي سليمان

الكلبُ كُوفئ بالغرام جزيلا
إذ بات - للزوج الفقيد - بديلا

وغدتْ له - بين الخرائد - كلبة
يأوي إليها بُكرة وأصيلا

وأوامر الكلب العشيق مُطاعة
تلقى - لدى من تجتبيه - قبولا

وكأنه - بين الخلائق - سيدٌ
أمسى عظيماً ماجداً بُهلولا

فهو الصديق وكل شيء عند مَن
سلكتْ - إلى حُب الكلاب - سبيلا

شغفتْ به حباً ، وصار حليلها
يا قوم هل غدتِ الكلاب بُعولا؟

أمست تُبادله الغرام تكلفاً
وعلى محبته تُقيم دليلا

ويحبها ، وتحبه بتولهٍ
مثل الخليل ، إذ أحب خليلا

فهو النديمُ إذ تحتم ظعنها
حتى يقدم طمعة وشمولا

حتى يُسليَها ، ويُبهجَ قلبها
ويُميط عنها الخاطر المثكولا

ويخصّها بحنانه ، وغرامه
وعلى الصبابة ينصب الإكليلا

وهو المُعين على الدغاول والعنا
ولكل مُعضلةٍ يسوقُ حلولا

وهو الأقارب في ديار مقامةٍ
كم فضّلته – عليهمُ - تفضيلا

كم قدّمته لكي يحوز صدارة
وكأنه - عنها - غدا مسئولا

وتبجحتْ حتى غدت للهاثهِ
تستروحُ التقدير والتبجيلا

وكأنها جولييت في أرج الهوى
والكلب (رميو) يُتقن التمثيلا

جعلتْ له في كل سارحةٍ يداً
حتى غدت يده الحسيرة طولي

واستعذبت - بين الأنام - نباحهُ
وكأنه كلمات (روميو) الأولي

في حِلها وكذاك في ترحالها
صحبته يعمُر رَحْلها محمولا

هو كل شيءٍ في الحياة بأسرها
هو عبقريٌ ، يحمل القنديلا

وجميله فوق الرؤوس متوّجٌ
ولذا يكافأ - بالجميل - جميلا

وله الرقيعة كم أذلتْ نفسها
والذل ليس - لدى الورى - مجهولا

حتى إذا ما مات قد فجعتْ به
وأراقت الدمع الحزين سُيولا

والجيبَ شَقت ، بعد لطم خدودها
حتى أقامت مأتماً وعويلا

والحزن غالبها وحطمها الجوى
وغدا الفؤاد - من الأسى - متبولا

وبكته حتى قيل تبكي زوجها
والكلب شط - عن اللعوب - رحيلا

وتقبلت فيه العزاء كأنه
ليس ابن كلب ، أو أقل قليلا

وحكتْ مناقبه وحلو خِلاله
والتضحياتِ ، وفصّلتْ تفصيلا

وتحدثتْ عن عطفه وحنانه
وتأوّلتْ أفعاله تأويلا

وتخرّصتْ تُضفي عليه مهابة
وكرامة ، وشجاعة ، ووصولا

وتغزلتْ في نبحه وعوائه
وتراه شقشقة حلتْ وهديلا

وتندرتْ عن ذكريات حياته
حتى تُضلل أنفساً وعقولا

وتناولتْ أخلاقه بتلطفٍ
وكأنما فاق الرجال فضولا

أوَلم يعش كلباً يُقزز سَمته؟
أم بُدلتْ أحواله تبديلا؟

أوَلم يكن نجساً يفيض نجاسة
مهما يُغسّل جسمُه تغسيلا؟

أنا لست أدرك كيف أنتِ صحبتهِ
وغدا - لديك - مقرباً مقبولا؟

هل كنتِ للكلب المُجندل كلبة
والمسرحية كم تضم فصولا؟

سبحانك اللهم قد أكرمتنا
ولأنت خيرٌ حافظاً ووكيلا

أنقذتنا من شر ما أودى بمَن
همُ كالبهائمُ ، بل أضل سبيلا

© 2024 - موقع الشعر