وليس جاهل كل شيء مثل من علما - النابغة الذبياني

بانت سعاد, وأمسى حبلها انجذما,
واحتلت الشرع فالأجزاع من إضما

إحدى بلي, وما هام الفؤاد بها,
إلا السفاه, وإلا ذكرة حلما

ليست من السود أعقاباً إذا انصرفت,
ولا تبيع, بجنبي نخلة, البرما

غراء أكمل من يمشي على قدم
حسناً, وأملح من حاورته الكلما

قالت: أراك أخا رحلٍ وراحلةٍ,
تغشى متالف, لن ينظرنك الهرما

حياك ربي, فإنا لا يحل لنا
لهو النساء, وإن الدين قد عزما

مشمرين على خوصٍ مزممةٍ,
نرجو الإله, ونرجو البر والطعما

هلا سألت بني ذبيان ما حسبي,
إذا الدخان تغشى الأشمط البرما

وهبت الريح من تلقاء ذي أرلٍ,
تزجي مع الليل من صرادها صرما

صهب الظلال أتين التين عن عرضٍ
يزجين غيماً قليلاً ماؤه شبما

ينبئك ذو عرضهم عني وعالمهم,
وليس جاهل شيء مثل من علما

إني أتمم أيساري, وأمنحهم
مثنى الأيادي, وأكسو الجفنة الأدما

وأقطع الخرق بالخرقاء, قد جعلت,
بعد الكلال, تشكى الأين والسأما

كادت تساقطني رحلي, وميثرتي
بذي المجار, ولم تحسس به نعما

من قول حرمية قالت وقد ظعنوا:
هل في مخفيكم من يشتري أدما

قلت لها, وهي تسعى تحت لبتها:
لا تحطمنك؛ إن البيع قد زرما

باتت ثلاث ليال, ثم واحدة,
بذي المجار, تراعي منزلاً زيما

فانشق عنها عمود الصبح, جافلةً,
عدو النحوص تخاف القانص اللحما

تحيد عن أستنٍ, سودٍ أسافله,
مشي الإماء الغوادي تحمل الحزما

أو ذو وشومٍ بحوضي بات منكرساً,
في ليلةٍ من جمادى أخضلت ديما

بات بحقفٍ من البقار, يحفزه,
إذا استكف قليلاً, تربه انهدما

مولي الريح روقيه وجبهته,
كالهبرقي تنحى ينفخ الفحما

حتى غدا مثل نصل السيف منصلتاً,
يقرو الأماعز من لبنان والأكما

© 2024 - موقع الشعر