العَيْن وما أدراك ما العين - أحمد علي سليمان

أيا حاسداً عينه ضاريةُ
حنانيكَ في الأنفس الغافية

هيَ العينُ ترسلُ سَهمَ الردى
أحَدّ مِن المُدْية الماضية

وأمضى - من السيف - إن صَوّبتْ
سهاماً تلي الضربة القاضية

وأنكى - من النار - إن أحرقتْ
وأعتى مِن الجمرة الحامية

تريد زوال النعيم الذي
توشّحَ باليُسر والعافية

وتَجْمُدُ - فيها - معاني الإخا
وتُصبحُ - مِن كيدِها - جاسية

تعينُ وتحسدُ في رقةٍ
وإن تكُ وادعة حانية

وتكوي ، وتحرقُ مسعورةً
وتختِلُ كالضبُع العاوية

وكم يحذر الناس مِن نارها
فهل حِذرُهم يمنعُ الداهية؟

وكم مِن خرودٍ تُناغي الصبا
وبالعين جُندلتِ الغانية

وكم مِن فتاةٍ زها حُسنها
وبالعين شُوّهتِ الجارية

وكم مِن زكيٍّ لهُ رؤية
وبالعين ضاعت رؤىً صافية

وكم من بُيوتٍ علتْ في الدنا
وبالعين ها هي ذي خاوية

وذكرُ المليك يُزيلُ العنا
ويَقتحمُ الأعينَ الطاغية

ورُقيا النبيّ دواءٌ سما
وأبطلَ ذي الأعيُنَ الضارية

وقد شاهد القومُ آثارَها
إذا رُددتْ في زها ثانية

وقرآنُ ربي لديه الدوا
إذا عمّتِ المحنُ العاتية

وعانتْ عيونٌ ، وخانتْ رؤىً
ورحبتِ الناسُ بالفانية

لماذا التحاسدُ بين الورى؟
لماذا الترنحُ في الهاوية؟

لماذا تمني زوال الهنا؟
لماذا التناطحُ كالماشية؟

لماذا التباغضُ في عالمٍ
وفي آخر حُججٌ بالية؟

ولن يخسر الناسُ إنْ برّكوا
لتُصبحَ نظرتهم سامية

وماذا عليهم إذا ردّدُوا
دعاءً مقاصدُه ُواعية؟

يقينا التحاسدَ ، كي نستمي
عن الغل والأنفس الداجية

ألم يأن للقوم أن يعقلوا
ويتبعوا السُّنن الهادية؟

ألا إن ذلك خيرٌ لهم
وإلا بكتهم هنا الباكية

نصحتُ ، وربي شهيدٌ على
وصايا - وربّ السما - زاكية

© 2024 - موقع الشعر