كالأنعام ، بل أراهن أضل - أحمد علي سليمان

الغواني يؤزهن الفناءُ
ويُعاني - مِن صدهنّ - البلاءَ

ولهن سُلتْ سيوفُ الخطايا
وبهن تمرّدَ الأعداء

كم جَلبْن – بعُرْيهن – البلايا
فاحتوانا – بما جلبْن - الشقاء

كم صنعن – بجهلهن – الرزايا
ولهنّ – بين الورى - إغراء

كم هبطن إلى قعور الدنايا
ولهنّ – في الهزل – طاب الثِواء

كم رتعن - في حمْأة التيه - دهراً
غرّهن الإمهالُ والإملاء

كم خلعن جلباب كل حياءٍ
ما الغواني إذا تولى الحياء؟

كم رَميْن وحيَ المليك احتقاراً
وامتثالاً لمَا يرى الخبثاء

كم زهدْن في الشرع دون اعتبار
بمصير باءَ به الأشقياء

كم لفظن الأخلاق في كل شأن
وانعدامُ الأخلاق فيه الفناء

كم طرحْن المنهاج خلف ظهور
فكوَتْهن الفتنة الشعواء

كم تبعْن الأزياء مِن كل لون
كيف تحيا – وفق الهوى – حواء؟

كم مشيْن – خلف اليهود - تِباعاً
ثم طالت مسيرة كأداء

كم سعين – خلف النصارى - أيامى
بئس سعيٌ هذا وبئس الإماء

القواريرٌ تحتفي بالتردي
ثم يشكو خرابهنّ الماء

كيف أمسى الضلالُ دربَ رشادٍ؟
وعليهِ تُردي الرشادَ النساء

كيف غابت مَعالم الحق ردحاً؟
كيف نيلَ التشريعُ والأنبياء؟

كيف ضاعت معالمُ الطهر حتى
داهمتْنا الأوحالُ والفحشاء؟

كيف سادت شريعة الغاب هذي؟
بئس حالٌ هذا وبئس اعتداء

كنتُ أهديتُ العِلم سَطراً وصوتاً
ويدي - في نشر الهُدى - بيضاء

فإذا بي ألقى صُدوداً وصَداً
كل عين – عن دعوتي - عمياء

وإذا بالإعراض يطوي بياني
كل أذن – عن صرختي - صمّاء

فرجعتُ صدقاً بخفيْ حُنين
وبكيتُ لو كان يُجدي البكاء

وحزنتُ أني أضعتُ اجتهادي
وتعشّمْتُ - أنّ لي - ما أشاء

قلتُ: علّي أحظى بأجر جزيل
وتداوَى – بصيحتي – الأدواء

وأرى الغِيدَ في احتشام رفيع
ولهنّ – مِن الحياء - رداء

فإذا بي ألقى احتقاراً لفعلي
وكثيرٌ – منهن - الاستهزاء

قد جعلن عُقبى النصيحة هُزءاً
هل يكون – في الهُزء – نعم جزاء؟

كان درساً – والله – جدّ عظيم
تُهتُ فيهِ ، وانتابني الإعياء

والغواني – على الهوى - قابضاتٌ
ولهن – إلى التردي - انتماء

والتمستُ عُذراً لهن وجيهاً
فرجعتُ وهمتي عجفاء

رُمتُ شيئاً ، والله خط سواهُ
قد هدانا ، وذاك نعم العطاء

ليس يَهدي الإنسانُ مَن كان يرجو
والمليكُ يهدي الذين يشاء

والنوايا عند الذي ليس يخفى
أيّ شيء عليه ، حتى الهَباء

© 2024 - موقع الشعر