في رثاء أريج الطفولة - أحمد علي سليمان

سَلامًا عَلَى طَيفِ الطُّفُولَةِ عَاطِرًا
وَمَرْحَى بِمَاضٍ بَاتَ بِالحُبِّ ذَاخِرا

هَزِيعٌ تَوَلَّى مِنْ سَنَا العُمْرِ تَارِكًا
شَبَابًا مِنَ الذِّكْرَى بَهِيًّا مُغَامِرا

أَرِيجٌ مِنَ الأَزْهَارِ أَزْكَى نَضَارَةً
يُسَلِّي مِنَ المُلْتَاعِ قَلْبًا وَخَاطِرا

أَلا إِنَّ دُنْيا الطِّفْلِ بِالعَطْفِ أُتْرِعَتْ!
وَتَحْنَانُ قَلْبِ الطِّفْلِ يخْتَالُ شَاعِرا

وَإِنِّي لأَبْكِي ذِكْرَياتِ طُفُولَتِي
وَأَلْتَمِسُ الذِّكْرَى ، وَأَشْتَاقُ حَائِرا

وَتَعْصِفُ بِالإِحْسَاسِ غَائِلَةُ الجَوَى
فَأَسْعَى وَحِيدًا مِنْ لَظَى العَصْفِ خَائِرا

وَأَرْثِي أَرِيجًا قَدْ تَمَضَّى زُهَاؤُهُ
وَخَلَّفَ جُرْحًا فِي الأَحَاسِيسِ غَائِرا

وَمَهْمَا بَكَى شِعْرِي دَمًا مَاضِيَ الصِّبَا
فَهَلْ يُرْجِعُ الدَّمْعُ السَّخِينُ المُسَافِرا؟

أَلا كُلُّ شَيبٍ ذَاقَ يوْمًا طُفُوْلَة
وَعَاشَ زَمَانًا كَانَ قَبْلُ مُسَامِرَا

وَلَمْ يفْتَكِر فِي الشَّيبِ يغْزُو حَياتَه
وَيُصْبِحُ فِي هَذَا المَشِيبِ مُنَاوِرَا

وَلَمْ تُسْقِهِ هَذِي الحَياةُ جَحِيمَهَا
وَمَا عَكَّرَت بِالعَائِدَاتِ البَشَائِرَا

أَلا كُلُّ طِفْلٍ لِلكُهُوْلَةِ زَائِرٌ
فَهَلاَّ رَأَينَا أَكْرَمَ الشَّيبُ زَائِرَا؟

إِذَا لَمْ نَصُنْ بِالهَدْي عَهْدَ طُفُوْلَةٍ
لَقَدْ نَلْتَقِي شَيبًا مِنَ الفِسْقِ دَاخِرَا

وَكَمْ مِنْ كُهُوْلٍ يعْتَرِي الشَّيبُ جُلَّهُم!
فَمُنْتَكِسٌ يغْشَى الخَنَا وَالكَبَائِرَا

وَمُرْتَكِسٌ فِي حَمْأَةِ الخِزْي مُقْرِفٌ
وَمُتَّبِعٌ هَدْيَ الرَّسُولِ مُفَاخِرَا

© 2024 - موقع الشعر