فهل من مقتدية؟ - أحمد علي سليمان

وُفقتِ - بين الورى - لخير أعمالِ
ومنكِ كم سمعوا جواهر القالِ

وعشتِ ما عشتِ في عِز وفي رَشَدٍ
وفي ظلال مُباهاةٍ وإدلال

وكم تفضلتِ في سِرٍ وفي عَلن
بكف ذات العطا والطوْل والنال

وكم بذلتِ مِن المعروف أطيبَه
فعِشتِ - بين البرايا - ذاتَ أفضال

وكم حلمتِ على الجُهّال مُشفقة
وقد يضيقُ ذوو حِلم بجُهال

وكم بمالكِ جادت كفّ مُنفقةٍ
كما تجُودُ به ذوات أموال

وكم نصحتِ لمَن في غيّهم سَدَروا
والنصحُ يفقأ عينَ الحاسدِ القالي

وكم زرعتِ بذورَ الخير مَنبتهاً
يُهدي التفاؤلَ نفسَ اليائس السالي

وكم قرأتِ كتابَ الله خاشعة
والذكرُ يُسعِدُ قلبَ العابد التالي

وكم أقمتِ صلاة الليل قانتة
في البَرد ، في الحَر ، في حِل وتِرحال

حتى دهتكِ - من الأمراض - قارعة
وحَلّ ما لم يكن يوماً على البال

وللصراع - مع الأمراض - محنته
والحُسنُ أمسى تِباعاً بعضَ أطلال

تمرّق الشعرُ مِن رأس يُزيّنها
واحدودبَ الظهرُ مِن غصّات أهوال

وللشباب - مع البلوى - مقاومة
وللمَشيب - يقيناً - أتعسُ الحال

وتلك سُنة رب الناس أجمعِهم
تمضي على نسَق فينا ، ومِنوال

والموتُ خط لها نهاية كتبتْ
وما الحِمام سوى خِتام آجال

ماتت وأدمعُنا سحّاءُ هاطلة
تؤبّنُ الجسدَ المعطرَ الغالي

تشيّع الروحَ للرحمن قد صعدتْ
طليقة دون أصفادٍ وأغلال

وتسأل الأخواتِ اليوم حائرة
مَن يا ترى تهتدي لخير أعمال؟

مَن يا ترى تقتدي بمثل غادتنا
في خير ما فعلت وخير أقوال؟

ليَرحَم الله مَن ماتت مُوحّدة
وبرّة تأتسي بدون إخلال

© 2024 - موقع الشعر