فأين الفضل إذن؟ - أحمد علي سليمان

الفضلُ يُورث عِزة وصَلاحا
ورِحابُه تستأصلُ الأتراحا

وصَنائعُ المعروفِ تنفعُ أهلها
والرفقُ يهدي – للنفوس - سَماحا

لا شيء كالتيسيير يُبهجُ عيشنا
ويُقيمُ - في أصقاعنا - الأفراحا

والدَّينُ عاتٍ ، والمطالبُ جَمّة
والضِيقُ يُزجي الهمّ والأتراحا

هو بالنهار مَذلة ، ومَهانة
كم خمشتْ - عند اللقاء – جراحا

وأراه - بالليل البهيم - كآبة
والعينُ تذرفُ دمعَها السحّاحا

وكم استدان عزيز قوم فاعتلى
مَتنَ الإهانة غدوة ورَوَاحا

فإذا به - بعد الكرامة - واجماً
إذ لم يعُدْ - بين الورى - مرتاحا

يُؤذيه وخز الدّيْن حان سَدادُه
فيَروغ - منه - عشيّة وصَباحا

والدائنون - إليه - ساقوا جُندَهم
والكل يحملُ جُنة وسِلاحا

ماذا وراءكُمُ؟ أحربٌ أوقِدتْ
نيرانها ، والكيدُ يغزو الساحا؟

أمْ جحفلٌ والعادياتُ تحوطه
وتصولُ - للفتح المبين - ضِباحا؟

أوَليس دَيْناً ما استطاع مَدينه
كل الأداء ، فليس ذاك متاحا؟

وهل البقية - بالشقاق - جديرة
حتى نرى - في الاقتضاء - صِفاحا؟

حتى يبيعَ مَن استدان لباسَه
وكتابَه والنعلَ والمِصباحا؟

الفضلُ أين؟ وأين رحمة دائن
أعطى وأنظر ، لا عليه جُناحا؟

والرفقُ أين؟ وأين تيسييرُ الألى
أعطاهمُ المولى تقىً وصَلاحا؟

وهل المَدينُ ببعض ما أدى اكتفى
ونأى بجانبه لكم ، وأشاحا؟

أم قال: أمهلني ، وذا في ذمتي
وعلى الوفا أنا أشهدُ الفتاحا؟

هل هذه أسُسُ المُداينة التي
هي - في الكتاب - تخاطبُ النصاحا؟

هيَ - في كِتاب الله - أطول آية؟
واستنطقوا الكُتابَ والشُّرّاحا

عودوا إلى القرآن يحكمُ بيننا
إذ أفصحتْ آياته إفصاحا

كيلا أعذب مَرتين ، وأرعوي
للغمّ يَأسرُ خاطري الصّدّاحا

ذلان: ذلُ الدَّين سَربلَ عِزتي
والعيشُ ليلٌ فارقَ الإصباحا

والدائنُ المِغوارٌ ذلٌ شَرْطه
وكأن - في سرد الشروط - رِماحا

تا الله إنَ الدَيْن أحنى هامتي
لمّا عجزتُ ، وما استطعتُ كِفاحا

يا رب جنبنا الديونَ وذلها
إذ تُعقِبُ الآهاتِ والأنواحا

© 2024 - موقع الشعر