حوار مع متعالم - أحمد علي سليمان

الجهل في شفتيكَ قفرٌ مُجدبُ
وأراك - في نار الهوى - تتقلبُ

وشَكاتُك العجفاءُ تَكشف خِسة
وحُروفك الحمقى تؤز وتكذب

ورُموش عينيك استحالت مِنجلاً
وسماءُ وجهك ليس فيها كَوكَب

أما انفعالُك ، فالخداعُ يزيدهُ
دجلاً ، فقصّرْ في الأذى يا مُذنب

كم ذا تصنعت الصلاح أمامنا
عجباً أيحترفُ الهِداية عقرب؟

وخُواء لفظك غارقٌ في زيفه
واللحنُ من كُل الحقيقة يهرب

عَرَقُ الخِيانةِ من جبينك هاطلٌ
والحق أنك - بالأخوة - تلعب

قد كنتُ آملُ فيك خيراً وافراً
ضجّ الفؤادُ لما رأى ، والمذهب

خيبت آمالي ، وبادت همةٌ
إذ في ضجيج الصَّمت ماتَ الأشهب

والجَهلُ ويح الجهل أغرق عزمةً
ذهب الضِّياءُ ، وساد بعدُ الغيهب

أما الجدالُ ، فأنت قد أتقنتهُ
لكنْ أتغلبني ، أيا ذا القُطرب؟

وأنا الذي درسَ القطارب كُلها
فأنا اللظى ، وأنا الغمامُ الصيب

أنا لست أمدحُ عزمتي ، لكنما
فضلُ الإله ، فجوده لا يُحجب

جادلتَ في حق ، ولم تكُ مُنصفاً
وضربت في البُهتان يا من تَندب

وشفعت في ظُلم ، ولم تكُ مُقسطاً
وجَبُنت في هذا اللقا يا أرنب

وأراك حرّفت الكلام جميعهُ
وزعمت أنك بالهُراء ستغلب

الله أكبرُ من زُيوفك هذه
والله أكبرُ من أذىً يتشعب

واللهُ فوق الكيد هذا كُله
أإذا صدعتك بالحقيقة تغضب؟

وإذا أطعتك في الذي تهذي به
ترضى ، وتسعد بالذي تترقب

حتى إذا طعن الصواب أريذلاً
طرح الصوابَ ، وقد بدا يتعصب

فغمزتُ نصل الحق في أحشائه
فمضى يَروغ كما يروغ الثعلب

الشمس هل تحتاج أي أدلةٍ؟
لنقول مُشرقةٌ ، ولم تكُ تغرب؟

فكذا تُدافع يا أسير حماقةً
أودت بعقلك ، فانبريت تُخبب؟

عن كل رِعديدٍ تمسَّك بالهوى
إني مناظُرُكم ، ولا أتهرب

إن الهروب نقيصةٌ وخديعةٌ
عهداً أواجهكم ، ولا أتغيب

هوّنْ عليك ، فإن باطلكم غدا
بالجهل يسحب ذيله ، يتذأب

عمن تُجادل ، قل لنا بصراحة؟
أعن العميل وحزبه تتأرب؟

وهو الذي قتل البراءة هازلاً
ومضى بكل رذيلةٍ يترهب

والقومُ أعجبهم بريقُ لباقةٍ
سقط القِناع وقد تبدى الأودب

طُعن الأباة ، على صعيد عمالةٍ
واصطيد صَقرٌ ، ثم طارت أكلب

أواهُ من بيع الهُدى لعدوه
حتى متى يا وغدُ لا تتأدب؟

رفع النفاق لواءهُ ، ورماحهُ
حتى متى الإسلام جهراً يُضرب؟

تعس النفاقُ ، فكم أباد ضحيةً
والحق فوق الكُل سيفٌ صيهب

إني عرفتُ رياءكم ، وفضحته
وضياعُنا بين الأنام المأرب

ماذا علمت لكي تُحاكم سادةً؟
مازلت أكشفُكُم بشعر يُكتب

بَلَعامُكُم عندي يُتاجر بالهُدى
والجهلُ من أفواهكم يتصبب

أقسمتُ أنك ما سَمعت مناسكي
وإذا سمعت فإن حُمقك يغلب

وأراك تقضي في المسائل جَهرةً
وأراك تُردي الحقً حين تُقرّب

وتُريد صُلحاً بيننا رغم الأذى
أتروم إصلاحاً ، وأنت تُخرّب؟

أتودّ تقريب الفُهُوم ، وما بها
- يا ذا الرسُول - تَطابقٌ وتشعّب؟

وسُئلتُ: هل أسلمت عند إلهنا
فطغى عليك تلعثمٌ وتذبذب

اللهُ أكبرُ ذا سؤالُ مُضلل
وله إجاباتٌ تُعدُّ وأثوُب

فاروقُ أُمتنا يُسائل هل أنا
ممن يُنافق أو يُرائي؟ فاعجبوا

وتُطالب المظلوم أن ينسى الأسى
والعَفوُ أقربُ ، ضلَّ من يترهب

والعدلُ أولى يا دعيّ ، وإنني
مُتمسكٌ بالحق ، لا أتحزب

أنا ما خُدِعتُ بأن باطلكم نما
فالحق في هذي الدُنا ، لا يذهب

هي فترةُ الإملاء ، ثم عقابُكم
واللهُ يُمهلكم ، فلا تتعجبوا

للهم نصرك ، إن باطلهم عَلاَ
وغدت هُنالك أُسرةٌ تتعذب

وهُناك ثمةَ فِتنةٌ بين الورى
مَسعورةٌ ، فتولّ مَن لك أقرب

إني فررتُ - إلى المُهيمن - عائذاً
في كل عون منه إني أرغب

فاسكُب دَمَ الأعدا كما سَكبوا دمي
ولأنت من كل البرايا أقرب

© 2024 - موقع الشعر