حوار مع قلمي! (محمود عبد الحافظ) - أحمد علي سليمان

لا تركننّ إلى الأقوال كنْ فطنا
لمَا يُرادُ ، ودعْ مَن للهُرا ركنا

ففعله ما لهُ في الأمر مِن أثر
والقول أبترُ يبغي الكيد والوَهَنا

ولا تعر سمعَك المِقدامَ مَن هزلوا
مِن كل ثرثارةٍ يُعدد المِننا

ولا عليك مِن المرتاب ، دعهُ يمتْ
واضرعْ لربك ، أد الفرض والسُننا

هبْ أنهم لفساد الودّ ما عمدوا
فهل تضر سمومُ الجوقة الفطِنا؟

هي الحقيقة ، فاعلمها بلا غبش
وناقلُ القول يُزْكِى بيننا الشجنا

محمودُ صدّقْ يراعي كاد يَسحَرُني
هذا الدعيُ ويُزجي الحرص والخننا

يريد ناراً ترى في الناس لافحة
وينفخ السم والأحقاد والإحنا

ويُهلك القومَ لا يبغي تراحُمهم
يُردي الكريم وذا الأخلاق والحَسَنا

ويعشقُ الشر والأوغادَ والخبثا
وينسج الزيف والبهتان والإحنا

يفرّق الكل بالإيقاع بينهمُ
ويزرع السوء والشحناء والفتنا

ويدفن الغل في فحوى بشاشتهم
ويغرس الغش والبغضاء والدخنا

ويمتطي صهوة التخذيل مُغتبطاً
ومِن دناوته يستعذب الدِمَنا

ويطلب اليوم منا أن نصدقه
والصدقُ في ظنه قد بات ممتهنا

أمانة في يد الجُهال قد وضعتْ
واللهُ يعلم ما يبدو وما بطنا

مِن كل مرتزق بالمال مُشتغلٍ
والمالُ أمسى لهُ في ذي الدنا وثنا

حتى يُحصّل ديناراً يلوذ به
باع العقيدة والتوحيد والوطنا

يقدمون ، لنا في دارنا ملأ
ويحملون لمن يهدي الورى الكفنا

يزاحمون عِباد الله مذ ظهروا
ويملأون عُباب البحر والسفنا

لا يرعوون لمَن بالحق يرشدهم
بل أعرضوا ، واستساغوا التيه والعفنا

ومَن يُضللْ نجدْه اليوم صاحبَهم
وقد تفانوْا ، وأمسى الملتقى مرنا

ومَن يُبيّن للدنيا حقيقتهم
وليس يخفي لهم سراً ولا علنا

هو الخؤونُ ، وبطن الأرض مسكنهُ
وقد يكون له جوفُ الفنا سكنا

مِن الحرام نراهم طاب مأكلهم
إن الحرام يُبيد الروحَ والبدنا

وكم بنوا في حضيض الأرض مِن جدُر
وشيّدوا للخراب الدورَ والمُدنا

وكم على باطل قد شاب أكبرهم
وأصبح الزور في دنيا الورى مِهنا

وكم على ربهم تجرأوا زمرا
وكم أقاموا على عِصيانه زمنا

وغرّهم حلمُه ، فازداد باطلهم
ومَدّ في كل قلب خاسر فننا

للهم فاثأرْ لنا مِن جَوقةٍ ظلمتْ
ودمّرَ اللهُ فيهم باطلاً أسِنا

© 2024 - موقع الشعر