استهلال لديوان " العشق في معارضة مشائي الطاوية" في حوار مع الدكتور عبد الكبير الخطيبي - برادة البشير عبدالرحمان

استهلال " العشق في معارضة مشائي الطاوية"
إن كل استهلال هو محاولة لفتح حدس وعقل وعاطفة القارئ على الكتاب الذي بين يديه ،غير أن ديوان المرحوم عبد الكبير الخطيبي " مفتوح " بالنسبة للمختص...أما الإنسان العادي فلن يستطيع فك " وصلة " من مقطع مما يشتمل عليه نص ديوانه...وحيث إن مقاربتي الشعرية - في إطار شعر المعارضات - كما فعلت مع المتنبي، وزهير بن أبي سلمى ،وابن زمرك ،والرندي، وإيليا أبو ماضي....في إطار تعميق رؤيتي الشعرية والفلسفية والنقدية والإسطتيقية ...شعرا ودراسة ، فإنني - لأكثر من ذكرى خلال دراستي الجامعية بشعبة الفلسفة في بداية السبعينات - قمت بقراءة جديدة لنصوص الأستاذ الخطيبي ...حيث يمكن تأطير النص الذي بين أيدينا في مرحلته الزمنية الخاصة والتي سقته بخصوصية تظهر للقارئ بعد خمسين سنة من ذكرياتنا الجامعية مع بداية السبعينات ...أنها مقولات وكلمات وأحكام ،و" نصائح " وحكم ...عفى عليها الزمن ، وتعيش غربة في حياتنا الحاضرة ...لكونها رشفت ثمالة إيديولوجية الستينات والسبعينات ...والقارئ لديوان الخطيبي هذا يكاد يسمع أصداء الاحتجاجات التي عمت جامعة باركلي ...وهمهمات عشاق الحياة البوهيمية ...وشعارات طلبة " ماي " 1967 بباريس...والشعارات والسجالات العنيفة التي كانت مدرجات كلية الآداب بالرباط بين الأستاذ جسوس خريج (هارفارد) والخطيبي كسليل العقلية النقدية للفلسفة الفرنسية والفورة الألمانية...التي عانقها صاحب "الذاكرة الموشومة"... وكانت تلك المناظرات - عبر الطلبة - في حمأة النزاع اليساري الطفولي - حسب العبارة الشهيرة للرفيق الروسي " لينين "- مما زاد من حرارة المواجهة، قبل أن يتأقلم المرحوم جسوس مع " الإتحاد الاشتراكي " بنقلة من موقع لآخر فكريا وإيديولوجيا ...كل تلك الأجواء زادتها " حرارة " مجلة " أنفاس "
السياق إياه ما يفسر هجمة السلطة على اليسار ...والقيام بما شابه " حركات " السادات تجاه " اليسار " المصري سليل الناصرية ...ومغازلته للإخوان المسلمين ...والنتيجة معروفة…
فكان مآل الأستاذ ومعهد السوسيولوجيا واليسار مما هو معروف لدى الخاصة والعامة…
كل ذلك يذكرنا بما قاله الفيلسوف الألماني " هربرت ماركوز " في أطار تحليله لكتاب " فينومىنولوجيا الروح " لفريديريك هيجل حيث أفضى تحليله العميق انطلاقا من المنظور الدياليكتيكي ...إلى التوقف عن استخلاص النتائج " المنطقية " والسياسية لتحليلاته ...فبقي الكتاب السالف مبتورا : بداية دون نهاية...ثم انعطف " هيجل " بعد ذلك في اتجاه مغرق في الشطحات الميتافيزيقية...فانطبقت عليه مقولة : الإنجليز يحكمون البحر والفرنسيون الأرض...والألمان " السماء " بالمعنى الميتافيزيقي لا بمعني الطيران ...لأنه لم تحلق طائرة قبل الحرب الأولى...كذلك الأمر بالنسبة للأستاذ الخطيبي...فقد انعطف بعد خيبة " الأمل " ...والفشل في إحداث تغيير بنقد " فريد " أو "مزدوج" ...في اتجاه شطحات ميتافيزيقية عانقت " الطاوية " التي إذا عرضناها على " سلالة هيزياو- بينغ " يستغربون مقولاتها...و" نصائحها " ...لا لشيء إلا لأن الإيديولوجيا التي كانت تدعي الشفافية في الستينات والسبعينات...أصبحت " فاضحة " في أيامنا هذه فكيف يحكم " حزب شيوعي " بلادا تملك حقيبة من العملة الصعبة تتجاوز " ثلاثة تريليونات " من الدولارات...وتضم مئات المليارديرات...وتستحوذ على الأسواق والشركات العملاقة التي تشكو من عجز وتراكم الديون...في أوروبا وأمريكا ...وكندا …فالكل يحفظ عن ظهر قلب مقولة " يا عمال العالم اتحدوا " وينسى الترجمة الأولى لهذا الشعار والقائلة : " يا صعاليك العالم اتحدوا "، و المغفل إيديولوجيا هو من ينسى الربط بين " "تمويل الامبراطورية البريطانية " لاجتماعات حزب البلاشفة قبيل ثورة 1917.مع العلم أن كلمة " بولشفي " في اللغة الروسية تعني " الأقلية " - { إنه التصور الغربي عن مفهوم " الديمو-براغماتية "} - فالعلاقة السالفة هي ما يفسر مقولات( لينين) اللاحقة مثل : " خطوتان إلى الوراء … و قفزة إلى الأمام " ،وأن روسيا في حاجة إلى مهندسين وعلماء لا إلى " فلاسفة ...وشعراء " ...إن كل مجادل فيما ذكرته لا يستطيع إدراك الدلالة العميقة ل " ابتسامة لينين العريضة " ، و تلويحه بشعار " مرض اليسارية الطفولية " ...فهل تعتقدون أن سدنة الاتحاد السوفياتي يسمحون - لزرقة عيون - أمثال " جورج لوكاتش " بالنبش في " مفاهيم الشباب الهيجلي " وإخراج مفهوم " الاغتراب/الاستيلاب " من عتمة الجدال الإديولوجيا للتغطية على مفاهيم " الاستغلال...و فائض القيمة…" ؟!
ذاك ما حاوله " المعتوه " بوريس ياسمين مع هدر كرامة روسيا بحضور " قهقهات " بيل كلينتون...وهو ما تم تحقيقه مع " فلاديمير بوتين " من مركز القوة والندية ...حيث " الغرب " لن ينسى ذلك بعد جولات الفشل السابقة كالتي حاولها " المهووس " نابليون بونابرت...أو المجرم أدولف هتلر...وتوالي العقوبات الاقتصادية ...يؤكد عجز الغرب عن تحقيق مآربه…
من أجل ذلك يحتاج المثقف الهادف إلى "المساهمة "في مقاربة " الحداثة " أن يكون ملما ب المعطيات ذات الصلة بالصراعات الدولية وموقعه الجيوستراتيجي … ليفهم العوامل المؤثرة فيما يسمى بالحداثة...
إنها السلطة...إنها الإيديولوجيا...إنها الشطحات الميتافيزيقية...إنه عجز المثقف ليس العربي فقط بل الإنساني في استيعاب ومواجهة " العصر السبراني " ….إن المثقف الحالي ينطبق عليه المثلان المغربيان الأصيلان القائلان :
☆ " الغافل تَيْخْرُجْ لاَ دِيدِي ...لاَ فَانِيدِي "
☆ " بْحَالُ بْحَالْ (عْبَابُو) لِّي عَبَّاهْ مَا جَابُو أُلِّي خَلاَّه مَا صَابُو"
 
برادة البشير فاس في: 23/04/2019
© 2024 - موقع الشعر