سراديب القرار - أحمد علي سليمان

ألا يا فؤادي كفكفِ الدمعَ ثاويا
تجلّدْ لتلقى - في الجراح - مداوياً

تماسكْ فإن الكيد عذبٌ مصابُه
به يَعرفُ المرءُ الحبيب المصافيا

تقلبتُ في دنيا الأنام فلم أجد
لقلبي خليلاً أصطفيه مدانياً

لطيف إذا عنّ القرار رأيته
محباً أليفاً ، ناصحاً لي مناجيا

وإن زارت الأحزان بيتي وجدته
يواسي ، ويدعو ، بل ويُمسي طاويا

وإن أثقلت قلبي الهمومُ ظننته
سيأتي يُسرّي عن فؤادي مصابيا

وإن ضاقت الأرض الفسيحة زارني
ليوسعَها طراً ، ويبكي عذابيا

وإن جاد ربي - بالمصائب - جَمة
ليفتنني كان الصديق المُواليا

وإن أمسك الناس الدراهم عن يدي
لقد يبذل الخل الأريب الغواليا

وإن طالت الأسقام بي كان مرشدي
وإن خمشتني غربتي بات باكيا

ولكن قضاء الله أبقى مشرداً
وظني بربي الخير يمحو البلاويا

سراديب رأيي - في الخطوب - تُذيبني
كما الملح في ماء السراب مُعانيا

عقابيل ما أصبو إليه تُحيلني
رموزاً ، وتذورني الهواجس عانيا

أزاهيرُ دربي ، في الهوان صحائفي
إذ طاولتْني الريحُ كانت صِحابيا

وربي يحب العبد يشكو له الأذى
لغير القوي الحق ما كنت آويا

أجرْ يا إله الكون عبداً مشتتا
يحب الهُدى يرجو الدواء المشافيا

© 2024 - موقع الشعر