مرثية الحسين بن علي رضي الله عنه - أحمد علي سليمان

عَزيتُ فيك أفاضلَ العُبّادِ
وأكارمَ النبلاء والزهادِ

أنا يا (حُسينُ) أسِحّ دمعيَ ساجماً
أبكي عليكَ بحُرقةٍ وسُهاد

أبكيكَ شهماً فاضلاً متفضلاً
لقيَ المليك بساحة استشهاد

نصحوك لا تذهبْ لباحة فتنةٍ
شبّتْ ، وما للنار من إخماد

نصحوك إن (الكوفة) احتدمتْ لظىً
فتولَ عنها ، واظفرنْ برشاد

أسمعت (عُمرة) وهْي تعلن في النسا
قولَ النبي بقتْل أفضل غادي

تغذو ل (بابلَ) والسيوفُ تجهزتْ
وفوارسُ الأعداء فوق جياد

فجهرتَ أن لا بد أشهد مصرعي
يا ليته ما كان من إشهاد

يا ابنَ الكِرام لك الشراكُ تجهزتْ
والقومُ بين مُخادع ومُعادي

فافطنْ لما الخبثاءُ راموا ، وانتصحْ
جنبْ جنودك يا (حَسينُ) عَوادي

وتراهمُ مكروا ، وبان عداؤهم
والمكرُ دربُ الناس للإفساد

ما نفْعُ دعواهم بأخبثِ ألسُن
نفديك بالأرواح والأولاد

لا لن تُراع ، ولن تكون ضحية
سنذود عنك بقوةٍ وجلاد

لكنْ قلوبُ القوم تحنق في الخفا
وتُريد حرباً غلفتْ بجهاد

حتى إذا قتلوا ابنَ عمك غِيلة
حَميَ الوطيسُ بساحة الأوغاد

فابنُ العمومة ثأرُه مُتحققٌ
مِن قاتل دنس السريرة سادي

هم يا (حُسينُ) كتيبة همجية
تأوي إلى الإرغاء والإزباد

هم يا ابن بنت رسول ربي جوقة
تأتي المناكر جهرة في النادي

هم خططوا للقتل ما حقنوا الدما
هم بيتوا غدراً لشر مراد

لمّا يقولوا: آلُ بيتِ نبينا
وحريمُهم أهلُ النبي الهادي

تحميهمُ أرواحُنا ودماؤنا
من عابدي الأوثان والأنداد

ودخلتَ خندمة يشبّ أوارُها
لم تخش جحفل جُعظري عادي

بل كنت في ساح الوقيعة فارساً
وصعدت وحدك ربوة في الوادي

فتجمعوا زمراً عليك يقودُهم
أشقى العُتاة (عُبيدٌ بن زياد)

والشمّرُ بن الجوشن اختصرَ المدى
مُتترساً بكتيبة الأفراد

فإذا (الحُسين) شهيد أشرس وقعةٍ
تُبكي قلوبَ الصفوة العُباد

واخضوضلتْ بالدمّ أطهرُ لِحيةٍ
تُدمي – ورب الناس – كل فؤاد

هان (الحُسين) على القساة قلوبهم
مُتسلحين بعُدةٍ وعَتاد

والجسمُ مَمدودٌ يُعفره الثرى
يبكي عليه ، دموعُه كعِهاد

رُزءُ الحنيفة فيك رُزءٌ مُفجعٌ
ومُصيبة عَمتْ ربوعَ بلادي

لا السهمُ قرّ ، ولا الرماحُ تكسرتْ
كلا ، ولا الأسيافُ في الأغماد

ونِبالُ أعداء الحنيفة لم تزلْ
بأكُف شرّ الخلق والأجناد

وقلوبُهم باتت يُحرّقها اللظى
مما احتوتْ مِن سَيء الأحقاد

والأرضُ تمتصُ الدماء زكية
واللونُ أحمرُ مُفعمٌ بسواد

وعلى الرُبا علمُ الحداد مخيمٌ
وكأنه صَبغ الرُبا بحِداد

لم تُطوَ نكبتُها ، فتُعْقِبُ نكبة
أزرتْ بكل سُهولها ووِهاد

أنى اتجهت دماءُ قوم أهدِرتْ
ظلماً وعُدواناً بلا ميعاد

وإذا نطقت مُندداً بمن اعتدى
عُوقِبت بالإقصاء والإبعاد

لعنَ الألى قتلوا (الحُسين) جميعهم
فمصيرُهم للنار يومَ مَعاد

لعن الذي نكت القضيب برأسه
مُتشفياً بسعيره الوَقاد

هل يستبيحُ دمَ (الحسين) موحدٌ
يخشى الردى ، ويَخافُ يوم تناد؟

رَصدوا ثلاثين الطعان بجسمه
ما خانني عَدّي ولا تعدادي

وفق المصادر والمراجع حُققتْ
فالأمرُ ليس على هوى إيرادي

إن المصيبة في (الحُسين) مريرة
وعليه دمعي ليس كالمعتاد

ومؤشرٌ قتلُ الحسين على الذي
نحياه مِن ألم ومِن تَسهاد

مِن يومها غدتِ الدماء رخيصة
في أمةٍ مَكلومة الأكباد

طمعتْ كلابُ الأرض في خيراتها
حتى اشتكى الأفراد فقدَ الزاد

وتداعتِ الأمم التي فتكتْ بها
كثمودَ عاثت في البلاد وعاد

للهم سلمْ مِن فظاعة مَن طغى
وقِنا اعتداء طوائف الإلحاد

والطفْ بأمة (أحمدٍ) وتولها
واهدِ الأنامَ لرُشْدهم يا هادي

© 2024 - موقع الشعر