رويْدكَ قلمي - أحمد علي سليمان

سُقيا لعهدكَ ، مات الفضلُ والورعُ
وهذه زمَرُ الغازين تجتمعُ

كم ذكرياتٍ لنا في وجهك ارتسمتْ
وقلبُك الغض للأحباب يتسع

والنور فوق جبين النشأ مُبتشرٌ
ومِن جوانحه البركانُ يندلع

فلا يخاف هنا في الله لائمة
وليس بالزمرة البلهاءِ ينخدع

والكل يبذل خيرَ العلم محتسباً
هو الأمين ، ورب الناس مُطلع

يعلم الطفلَ ما حاطت قريحته
مِن العلوم ، له في بذله وَرَع

جمْعٌ له الهَدي مِنهاجٌ يُسيّرهُ
وليست الغايةَ الدنيا ولا الطمع

كان التناصحُ سمتَ الكل دون هوىً
فبالتناصح قلبُ المرءِ ينتفع

فلا مكان لشر في مجالسهم
وليس مِن بينهم صِلٌ ولا ضَبُع

تراهمُ في مقام الحق في جلدٍ
كلٌ على ما ادعاهُ المفتري سَبُع

قلوبُهم بمَعين الوحي قد مُلئتْ
فليس يَغلبها بالسيف مُبتدع

كانوا على عصبة الغالين سيف هدى
دوماً يثورُ ، وتدري بأسَه البدَع

أبو حذيفة في إقباله ألقٌ
وإنْ يُجادلْ فلا زيفٌ ولاخِدَع

لكنما حُجَجٌ بالحق قد مُزجتْ
بها الخصيمُ بلا أهواءَ يقتنع

أزادنا اللهُ مما أنت قائلهُ
مِن الحقيقة ، يا نبراسُ يا ورع

لقد تبدّل هذا الحالُ بعدكمُ
حتى ابتلينا بمَن بالجهل يدّرع

قومٌ على ألم التوحيد قد ضحكوا
برغم كان لهم في دارنا البيَع

في كل شأن لهم قولٌ ومُعتقدٌ
والفلسُ شِرعتهم ، والقِبلة المُتع

أمسى التوسلُ بالآيات مذهبَهم
دكّوا المَحاريبَ ، ثم اغتيلتِ الجُمَع

والارتزاقُ بوحي الله طابعُهم
وفي القلوب بريقُ الطين والجشع

لهم بآي الهُدى ذلٌ وبَكهنة
ولم يزرْ دُورَهم حمدٌ ولا شبع

لهم دموع على الدينار كم ذرفتْ
ويشتكون ، وهم في العِز قد رتعوا

وإن نصحتَ لهم هاجوا وما هدأوا
وشرّدوك ، وما بنصحك ارتدعوا

عارٌ عليهم كتابٌ أو محاضرة
فالطين منتظرٌ والسوقُ والسلع

فيم القراءة؟ إن الدار آمنة
وإن سُئلنا ، فما نحن الذين وعُوا

للعلم جوقته مَن يسهرون له
ويبذلون ، وبالأسفار قد قنعوا

ونحن في المولد الفينان سَهرتنا
نجمّع المال ، نحن الأهلُ والتبع

ولا علينا إذ ضل الأنام بنا
فيم التخوف والتخذيل والفزع؟

يا ذا اليراعُ كفى ، هيّجتَ عاطفتي
ألا رُويدك ، فاض الحزنُ والوَجَع

حقاً رويدك ، دعهم في ضلالتهم
فيم البكاءُ على الأطلال يا دَمِع؟

يوماً يعود إلى الميدان فارسه
أرادت العِيرُ ، أم عنتْ له الشيع

وناصرُ الهَدي رب الناس ناصره
فيمَ التوجسُ والإيلامُ والجزع؟

© 2024 - موقع الشعر