دمعة عند الكعبة! (على مآسي المسلمين) - أحمد علي سليمان

يا أيها الحرمُ الكئيبُ المرتعدْ
إني عليك أسيرُ دمعي ، أرتعدْ

إني أراكَ بأرض مكة باكياً
ما من بكائك في ديار القوم بُد

تبكي الديارَ وأهلها ورجالها
ودموعُ وجدك تشتكي ، والأمرُ جد

وأسرتَ في البلواء يا حرم الهُدى
وأصابع الأعداء لمَّا تبتعد

وذيول قيصرَ في الربوع كما اللظى
تحثو التراب على انفعالات الأسَد

أما نعاة ضلالهم فهمُ الندى
يُردي الهداية في ثنيّات الأمد

وتنكروا للحق أي تنكر
وتقلبوا في جُود من هو يستبد

هم طوعوا آي الكتاب لباطل
وقيامة صغرى لمن هو ينتقد

هم أوقدوا ناراً لكل موحدٍ
حتامَ يأخذ ربنا أهلَ الوقد

لم ينقموا إلا صحيح عقيدة
يا عِز ما ترك الأوائل للولد

قد أشمتوا فيهم عتيَّ عدوهم
والصف بات لكل صدق يفتقد

أكلوا بآي الذكر حلو طعامهم
لمَّا يعيشوا في غيابات الوبَد

أبيات (عُتبة) في المجاهيل اختفتْ
ومضى الزمان ، كذا الجواري والحفد

وكذاك (شيبة) قد تولى رهطه
والكأس ، والخمار ، حتى والخُرُد

وديار (عُقبة) و(الوليد) تغيرتْ
وإساف ، والأوثان ولت ، والحُنُد

حتى أبو جهل بصيحة كفره
ولى ، ولم تبكِ السماء على الردُد

وكذا (أبو لهب) صريع حميّةٍ
والزوج يلفح جيدها حبلُ المسد

ومضى (أمية) في بقية من طغى
والموتُ فوق الكل سيف مُحتفِد

أنا سائلٌ إياك أسئلة أيا
حرمَ الهُدى ، عشراً ، وعشراً بالعدد

كيف السبيل لنصرة الإسلام في
هذي النفوس؟ وهل ترانا نتحد؟

هل من سبيل تحفظ الأعراض فيه
عزيزة ، ليست تخاف أذى أحد؟

كيف النجاة من المخازي هذه؟
كيف الخروج ، وأمرنا اصطحب العقد؟

كيف الرحيل من السقوط وأهله؟
ضل الرفيق ، وثمَّ قد ضل البلد!

ماذا وراء الخطب هذا ، يا ترى؟
ماذا يخبئ غيبُ قيوم صمد؟

ماذا هنالك والتردي عمّ أر
حاب الدنا ، والزور ينخر في الجسد؟

أين الرجال ، ألم يعُد إلا النسا؟
من ذا يعين على الرشاد ويجتهد؟

أين الرجال ، وقد عدمتُ صحابتي؟
وبحق من رفع السماء بلا عمد!

أين الإباء اليعربيّ وقد عدم
تُ مثيله في المسلمين ، فلا مدد؟

ما من مُقيل عثرتي ، وترنحي
إني الكسير ، وليس لي إلا الأحد

حرمي الحبيبَ أطلتُ شعر محطم
يهوى الحياة بشرطِ يعلوها الرشد

ومشاعر الحزن الأليم تهزني
وأرانيْ في الأحزان لست المقتصد

هذا القريض أزفة شوقاً إلي
ك ودمعتي ، ويكاد قلبي ينفصد

حزناً عليك ، على الكسيرة كعبتي
ما عاد في نفسيْ الأسيفة من جَلد

اليوم هامت حولنا الأصنام شت
ى ، والديارُ تنصلت ، فهي الزبد

شكل الديار وأهلها الإسلام ، ل
كنْ ثمَ فرقٌ بين زور والسدد

حتى الخيام ، فلا تُرى كخيامهم
وكذا النساء بكل قبح تنفرد

وثغور كعبتنا تسمر عندها
من كان للشيطان ردءاً والسند

صَدوا عن الخير العميم مريدَه
يا ليت شعري من أمور كالبَدد

أحسست يا حرمي بقلبك باكياً
من أجل ذلك قلتُ: إنك ترتعد

© 2024 - موقع الشعر