أي شهادة تلك؟ - أحمد علي سليمان

نصف قرن وأنت تلهو قريرا
مستحِلاً ما تشتهي مَحبورا

ما استحيت مِن معصياتٍ جسام
بل ترنمت – بالأغاني - فخورا

والجماهيرُ تجتبيك اجتباءً
باحتفالاتٍ تستجيشُ الحضورا

والتحايا مِن كل فج وصوب
كالصَبا إذ هبتْ لتلقى الدَبورا

والهدايا تنهالُ سراً وجهراً
تسبقُ النوْل رتبة والنذورا

والعباراتُ زخرفتها الأيادي
علها تُطري المُطربَ المَشهورا

والتهاني مِن كل قلب مَشوق
والضجيجُ أمسى يُباري الصفيرا

والدموعُ تغشى وجوهَ العذارى
كل وجهٍ باكٍ يُضاهي الغديرا

والكفوفُ التصفيقُ أوهى قواها
ثم أدماها حيث فاق الهديرا

موكبٌ قد فاق المواكبَ وصفاً
واختلاط يوليه ظلماً وزورا

والجميعُ جاؤوا يُحيّون حباً
واعتزازاً ، ويحملون البخورا

أنت هيجت الوجدَ والشوقَ فيهم
بالأغاني ، ثم استبحت الشعورا

وانطلقت تهذي ، وتهزلُ دهراً
وابتنيت - للموبقات - الجسورا

فتنة كانت أغنياتك هذي
خلفت جيلاً جعظرياً حقيرا

صرفته الأهواءُ عن كل خير
وجهها أمسى للأغاني أسيرا

نصف قرن وأنت تغتالُ قوماً
كيف صِرت فيهم غوياً مُبيرا

ثم جاء الموتُ الذي لا يحابى
يعلمُ الله المنتهى والمصيرا

والجماهيرُ غسلتك احتساباً
فهل الجثمانُ استحث الحضورا؟

رب وعظٍ أملاه جسمٌ مُسجىً
واتعاظٍ جدواه تبقى شهورا

فاقد الشيء وهو حيي تُراهُ
سوف يعطيه إن تغشى القبورا؟

من أضل جمهوره نصف قرن
فاغتدوا بالتضليل قوماً بُورا

سوف يهديهم بعد ما مات طوعاً؟
هل يسوقُ – للمعجبين - النذيرا؟

كم أذل بالأغنيات رجالاً
ردّدوها - بدون وعي - دُهورا

كم أماط الستورَ عن مُحصناتٍ
بعد أن أهدى للبنات السفورا

ثم يُطرون (النجم) حياً وميتاً
كل غال يُزجي له تعبيرا

أخرقُ القوم قال: هذا شهيدٌ
بدخول الجنات أضحى جديرا

وأضاف: أسطورة الفن هذا
حيث عاش - للمطربين - أميرا

وغويٌ يُلقي الكلامَ ارتجالا
قائلاً: هذا كم أراح ضميرا

إن هذا (شيخ التراث) ويكفي
أنه كان - بالخيور - بشيرا

والشهاداتُ لفظة تلو أخرى
مِن ندامى كلٌ يحبُ الظهورا

لكنِ العُقبى - بالعقيدة - نهجاً
وبأعمال ترضي السميعَ البصيرا

© 2024 - موقع الشعر