أنذرتهم ولكن - أحمد علي سليمان

أعطيتَ مِن دمكَ الكثيرْ
حتى تحشرجتِ الصدورْ

وبذلتَ ، لم تكُ مُقتِراً
وبكيتَ بالدمع الغزير

أنذرتَ كل مُعربدٍ
ونصحتَ بالصوت الجهير

لم تخش بأساً ، أو أذىً
لم يستبد بكَ الغرور

وعلا نذيرُك في الورى
أسمعتهم صوت الضمير

وعلا وعيدُك في الدنا
قلت: استجيبوا للبشير

لكنَّ قومَك في عمىً
يكفيكَ أن كنت البصير

ليست عليكَ ملامة
بالمدح إنك للجدير

والحق ليس بهيّن
والزور يقبله الحقير

والفذ صاحب همةٍ
هو رهْن همته أسير

والناس هذا سمتُهم
منذ الخليقة للنشور

مَن كان ينصحهم رَمَوْ
هُ بحربة الجهل المرير

فإذا ابتُليت بمُعرض
في جهله أبداً يمور

ويريد تحريف النصو
ص ليُرضيَ القلب الحسير

ويُحكِّم العقل الذي
يهتاج في دَرْك القصور

فاتركه في إعراضه
ودع الجدال ، ومَن يثور

والشمس ساطعة البري
ق ، وليس يبصرها الضرير

ما ذنبها يا معْرضاً
أفكارُه مثل الصخور؟

أنذرتهم ، لكنهم
سكنتْ قلوبُهمُ القبور

والموت بعثر فكرهم
والحُمق كالسيف المُبير

دعهم ، فليس وراءهم
إلا التعالي ، والظهور

والحق فوقَ غرورهم
ولسوف تنكشف السُّتور

© 2024 - موقع الشعر