المدرسة الثكلى - أحمد علي سليمان

صغتُ دمعي - يا غادتي - أشعارا
في مُصاب يستنطقُ الأحجارا

هزني من أعماق نفسي وذاتي
فانتحبتُ أستهجنُ الديَّارا

مُشهراً سيفَ الثأر ممن تحدّى
أهلَ ودّي ، والصفوة الأخيارا

مُعلناً أني لن أهادنَ وغداً
فرَّق الجمعَ ، ثم عنا توارى

آخذاً بالثأر انتصاراً لقوم
عجزوا عن أن يُدركوا ذا الثارا

ذائداً عن حق يُعاني التجني
جاعلاً إنصافَ النشامى شِعارا

إيه يا ثكلى ، جابهي كل ظلمٍ
واستجيشي الآهاتِ والأشعارا

وامنحيني مِن ذكرياتكِ قِسطاً
واذكري عهداً كنتِ فيه منارا

واسرُدي الأحداثَ التي أمتعتنا
صدّقيني إن قلتُ ليست تُبارى

إن طيف الماضي عزيز علينا
حيث أمست أنسامُه تِذكارا

مَعقلٌ أنتِ - للعلوم - حصينٌ
مَجدُه كم يستلفتُ الأنظارا

فيه – يا كم - تخرّجتْ أجيال
أكبرتْ إسهاماته إكبارا

ليس شيءٌ كالعلم يُعْلي البرايا
فاز مَن - في درب التعلم - سارا

واسألي عن صِيتٍ وسَمتٍ أصيل
واستعيدي الأنباءَ والآثارا

واستميحي التاريخ عذراً ، كفانا
كل شهم يستظهرُ الأخبارا

بين شتى المدارس ازددتِ خيراً
والعلومُ تستجلبُ الأنوارا

ما الشهاداتُ إن تدنى ذووها؟
ما البيوتُ إن عافتِ الزوّارا؟

إن (عجمانَ) قلدتكِ التحايا
طيباتٍ جادت بهن افتخارا

أنت صرحٌ للعلم شعّ ضياءً
في الدياجي يهدي جميعَ الحيارى

وأهالي (عجمانَ) تُطريكِ حُباً
واحتراماً وعزة واقتدارا

ونبوغ الطلاب أزكى دليل
ولهذا نستبشرُ استبشارا

والمُربّون أدركوا ما عليهم
فأصرّوا ، واستعذبوا الإصرارا

أن يجودوا بالعلم يسحقُ جهلاً
ثم هم منه استكثروا استكثارا

والأساليبُ - بين الأيادي - تحدّتْ
كل فذٍ - في الدرس - يهوى ابتكارا

خبرة - في التدريس - تشمخ زهواً
واطلاعٌ يستروحُ الأفكارا

وانطلاقٌ نحو الجديد احتساباً
باذلين الأموالَ والأسفارا

قانعين بالراتب المتدني
حافظين العيوبَ والأسرارا

عازمين أنْ لا يُخِلوا بشرطٍ
بل رأوْا في الإخلال بالشرط عارا

باذلين ما قلِدوا مِن سجايا
كي يُبيدوا الآفاتِ والأخطارا

قاصدين الجبّار في كل أمر
كيف يَخزى مَن يقصدُ الجبارا؟

مستهينين بالبلاءات تؤذي
كل شهم يرجو العُلا والفخارا

ناصحين الطلابَ دون مَلال
صانعين الأعلام والثوارا

كلهم يبني - في الصغار - المعالي
كي يعيشوا - بين الورى - أبرارا

والمُديرُ أخ لهم مستنيرٌ
إنه - بالعلم الرصين - استنارا

خصّهم - بالإرشاد - في كل حين
حازماً في إرشاده أمرارا

ثم جاءت إدارة لا تبالي
بالغت - في تهريجها - استكبارا

كشّرتْ - عن ناب العداوة - عمداً
ثم هدّتْ - بالترّهات - الدارا

أمعنتْ - بالتغرير - ينشد غِراً
والأباطيلُ تعجبُ الأغرارا

شمّرتْ - عن ساق التعنت - بطشاً
والتعدي كم يأسرُ الأشرارا

ثم أبدتْ حِرصاً يُداريه كيدٌ
حاملاً سيفاً قاصلاً بتارا

والقرارتُ لا تساوي تراباً
بل أزاغت - عن شوفها - الأبصارا

واستهانت بالناس دون اكتراثٍ
واستبدّتْ ، لم تتق القهّارا

واستجارتْ منها الضمائرُ لمّا
أسفرتْ - عن تضليلها - إسفارا

واستحلتْ عِرض الموحّد جهراً
يا ترى هودٌ أهلها أم نصارى؟

وأضرّتْ بالناس ظلماً وبغياً
ثم أمسى أربابُها فجّارا

ضحكوا إذ أنات قوم تعالت
بل تسلوْا ، واستصحبوا الأكبارا

أي دين هذا؟ وأية ناس؟
إنما النفسُ تمقتُ الغدارا

هل مديرٌ مَن قلبه فاض حِقداً
واختيالاً على الورى ، واغترارا؟

هل مديرٌ مَن يعتلي الزهرَ فلكاً
مُبحراً - في بحر الهوى - إبحارا؟

هل مديرٌ من يلبث العُجْبَ ثوباً
وعن التقوى يُغلقُ الأزرارا؟

هل مديرٌ من ليس يرحمُ هلكى
زادَهم تدريسُ الصغار انكسارا؟

هل مديرٌ من لا يباركُ جهداً
مِن أناس لاكوا العنا والمَرارا؟

هل مديرٌ من - في التشفي - يغالي
مُوقداً - فيمن يرتجيه - النارا؟

أيها الخِب كم كذبت علينا
أنت مرذولٌ ، لست ترعى الذمارا

غرّك الشيطانُ اللعينُ طويلاً
ثم يوماً تجني الشقا والخسارا

فأراك النفسَ الوضيعة فضلى
يشتهيها الرجالُ قبل العذارى

ذات يوم تكون - للدود - طعماً
فارحم النفسَ ، واخشَ هذا الدمارا

واستمعْ لي: إن الإدارة عِلمٌ
لمَ أنهيت الملتقى والحوارا؟

اكسب الناسَ ، لا تكن مستغلاً
إنما الاستغلالُ يزجي البوارا

لم تدم للغير الإدارة ، فاعقلْ
ما استشيروا ، لم يُسألوا الاختيارا

منصبٌ أضحى مِحنة وابتلاءً
والسعيدُ مَن جاوز الإختبارا

كم نصحتُ ، والغِر لم يستمع لي
رغم أني ناصحته إسرارا

والضحايا توليه حِنقاً وغيظاً
ليس هذا يريد أن يُستشارا

تستجيرُ مِن شر عبدٍ مُبير
والمليكُ أولى بأن يُستجارا

رب سلمْ ممن تجنوْا علينا
دون حق ، وألحقوا الأضرارا

واغفر الذنبَ ، نحن أهل المعاصي
فاز عبدٌ يستغفرُ الغفارا

كم وقعنا في عِرض مَن ظلمونا
فطفقنا نسترحمُ الستارا

وانتصِرْ للمظلوم ، يا رب واثأرْ
إن فينا - لشرعِكِ - الأنصارا

© 2024 - موقع الشعر