يزيد بن معاوية ما له وما عليه! - أحمد علي سليمان

مَلِكٌ توشّحَ بالبطولة في القصيدْ
وكأنما قد صاغ زبدَتَها (لبيدْ)
هو في ديار العُرْب غرّدَ صِيتُهُ
فذووهُ أعلامٌ وأفذاذ وصِيد
هذا (معاوية) أبوه مُكرّمٌ
ومُعززٌ ، هو كاتبُ الوحي المجيد
هو مِن صحابة (أحمدٍ) علمِ الهُدى
وله المناقبُ جمة فهُو الفريد
وبنو أمية مجدُهم سامي الذرى
فهمُ الصناديدُ العباقرة الأسود
والأم (ميسونٌ) سمتْ أوصافها
وخِلالها ، وتُجيدُ تأليفَ القصيد
هي في (بني كلب) طلاوة عِقدهم
مَن في النساء تُضيفُ حُسْناً للعقود؟
رَبّتْه في سُوح البوادي تبتغي
مِن طيّب الأخلاق والعُرف المزيد
يحيا طفولته بباحة (تدمُر)
ليشب فذاً لا يُبالي بالقيود
مَلِكٌ به الإسلامُ ساد ممالكاً
فتحتْ له فتحاً بتوفيق الحميد
هذا (يزيدٌ) خصّه رب السما
بين الورى بالمُلك والمجد التليد
لولا مَعاص قزمتْ مِن شأنه
لولا ذنوبٌ لم يُقارفها العبيد
لولا كبائرُ أنقصتْ من قدره
وعلى ارتكاب الشهم للسوآى شهود
لولا صغائرُ شجعتْ أعداءه
ما نال من عرض الشريف هنا حقود
وأراه مهما كان ليس بكافر
أنا لا أكفر – إي – بمعصيةٍ (يزيد)
هو في مشيئة ربه سبحانه
إن شاء عذب بالعدالة من يريد
أو شاء سامحَ لم يؤاخذ مُذنباً
سبحان رب العرش مِن رب ودود
وأراه ما قتل الحُسَين ، ألا ادرسوا
هذا اتهامٌ ساقه وغدٌ كنود
في الرأس ما نكت القضيبَ يَزيدُنا
ابنُ الزياد أتى بذا الفعل البليد
فلم المغالطة التي لا تنتهي؟
هذا ورب الناس بُهتانٌ أكيد
لم تأته رأسُ الحُسين بقصره
أبداً كما قال (الهلافيتُ) القرود
فالجسمُ مدفونٌ هناك بكربلا
والرأسُ في تُرْب المدينة في الصعيد
لم يسجن الأشراف آل البيت ، لا
بل خصهم بالبذل في كرم وجُود
قد فاته ثأرُ الحُسين ، وذا خطا
إذ أخذ ثأر حُسيننا رأيٌ سديد
ابنُ الزياد وشَمّرٌ قد أجرما
وحُسيننا بعد الذي فعلا شهيد
والجيش ملعونٌ بقتل الأبريا
تعس الألى قادوه ، واندحر الجنود
أما (يزيدُ) فلم يُحرّضْ مَن طغى
والأمرُ متضحٌ لذي عقل رشيد
إن (ابن تيميةٍ) أبان بنوده
وكلامُه في الأمر معتبرٌ مفيد
والحافظ الذهبي أدلى دلوه
وأزال بالتبيين غائلة الجمود
والحافظ ابنُ كثيرٍ احتفلتْ به
هذي المسائلُ ، والبراهينُ الصيود
هم أنصفوا المظلومَ ممن أجرموا
في حقه إنصافَ شهم لا يحيد
هم قد أبانوا جهده وجهاده
مستبعدين هراء قوم لا يُفيد
وتعقبوا الأنباء قائمَها الذي
هو واضحٌ ، وتعقبوا بعدُ الحصيد
قالوا: غزا غزواً ، ولم يكُ وانياً
واعتاد في أم المعارك أن يقود
هو قد غزا الرومان في (طوّايةٍ)
وبرغم أوبئةٍ تفشتْ والجليد
قطع الفيافيَ لم يَخفْ بأسَ العِدا
كم من معاركَ في متاهاتٍ وبِيد
قسطنطينيته عجيبٌ أمرُها
واسألْ أبا أيوب عن قصف الرعود
وله فتوحاتٌ بأفريقيةٍ
مِن هولها وسِجالها شاب الوليد
واسألْ جبال الهيمالايا أثخنتْ
والجُندُ لم يتهيبوا عبءَ الصعود
واسألْ بُخارى عن غزاةٍ خلصوا
هذي الديارَ مِن الطواغي والقيود
والرومُ كم شهدتْ ببأس قتاله
والنصرُ يُحرز إن يكن جهدٌ جهيد
هو لا يُحَب ولا يُسَب لكونه
أمسى وليَ الأمر في الزمن البعيد
هو ليس صِدّيقاً ، ولم يكُ ملحداً
والبعضُ ينعته بشيطان مريد
يا قومنا اعتدلوا ، ولا تتطرفوا
إن (اليزيد) اليومَ من أهل اللحود
لا تلعنوه أخافُ أنْ بُؤتُم بها
ويكون مِن رب السماء لكم وعيد

مناسبة القصيدة

(يزيد بن معاوية بن أبي سفيان شخصية دار حولها جدل كبير بالأمس ، ويدور الجدل ذاته اليوم ، وسوف يدور إلى الأبد! والجدل عندما يحكمه المنطق والحقيقة يصل إلى الحق واليقين! وعندما تحكمه الأهواء والخزعبلات لا يصل إلى الحق مطلقاً فمن يزيد بن معاوية؟ ولماذا يدور حوله الجدل؟ وما وجه الحقيقة في سيرته؟ وهل تورط في قتل الحسين بن علي؟ وما واجبنا حياله؟ ولأننا من غير ذوي الاختصاص في التاريخ والسير والتراجم ، فإننا سوف نعول على أهل التاريخ والترجمة والسيرة شاكرين لهم إبانة الحق وإظهار الحقيقة الراجحة الجامعة المانعة بالأدلة والبراهين الساطعة!وأنا بدوري أشكر الأستاذ الكبير الأديب والمؤرخ سعود الزمانان ، على أن استخلصتُ من كتابه الفذ عن يزيد هذه الإشارات والاستنتاجات في إيضاح الحق والحقيقة! وإذن فللرجل حسنات أغفلها الحانقون الحاقدون الأعداء! ولربما يكون للرجل عند الله باع في الجهاد! ولربما يصيبه ثناء النبي – صلى الله عليه وسلم – عن جيش القسطنطينية! فالله الله في يزيد بن معاوية! من أجل ذلك كله كانت قصيدتنا: (يزيد بن معاوية ما له وما عليه!) لنعرف ما هو واجبنا نحو هذا الرجل بكل حيدةٍ وموضوعية م مشربية سلفنا الكرام حيث لا إفراط ولا تفريط! (إن أريد إلا الإصلاح ما استطعتُ وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب) ولم يدفعني لكتابة هذه القصيدة عن يزيد بن معاوية إلا أنني شعرتُ بعد تحقيق وتدقيق ودراسة واعية مستفيضة أن هذا الرجل مظلوم ومفترى عليه! ما حدا بي أن أبين نثرً وشعراً ما للرجل حقاً من مناقب وإيجابيات وما عليه من مآخذ وسلبيات! أفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله تعالى ، والله سبحانه وتعالى يقول الحق وهو يهدي السبيل! ذلك أنني أدافع في شعري عن المظلومين!)
© 2024 - موقع الشعر