ابني عبد الله هذه تحيتك! - أحمد علي سليمان

ابني الحبيبَ فدتك نفسي من رجلْ
أهدي إليك تحية يا ذا البطلْ

أخذتكَ للتطعيم أمّك يا فتى
وجلستُ يكويني هجيرُ المُنفعل

ورأيتُ كل مطيةٍ مزدانة
وعلى اليمين يسير ديوث أشل

(ديوث) لست مُغالياً إن قلتها
ديوث ، بل وعلى الدياثة قد جُبل

(ديوث) لا يعنيه عُرْيُ حريمه
مطعون في أفكاره ، يا للخبل!

أنثاه يُزريها تلونُ وجهها
والخصرُ شُدّ بقيده وعلاه غل

أما الرقيعُ فبات يضحك مُعجباً
بصنيعها ويراه إغراءً أقل

والنذلُ إذ ينزو على أنثاه نذ
لٌ في الملا فإذا به فرحٌ ثمِل

والتيسُ ينطح كل شيء حوله
لو أن أنثاه استكانت للوعِل

وسرى خيالي في دجى أيامنا
فذكرتُ أمك يوم كانت تبتهل

تدعو تقول: ارزق إله الكون مو
ولداً تقرُّ به الحياة ، وتكتمل

وتسائل المولى بكل ضراعةٍ
لسنا على غير المهيمن نتكل

وذكرتُ مُرّ الذكريات وعذبها
وذكرتُ أوضاعاً تُحَيّر مَن عقل

وذكرتُ ما كسبتْ يداي بحُرقة
وأنا أفر بدين ربي من هُبل

متنقلٌ بين الوهاد مزمجراً
لا تبتئس فأبوك أعيته الحِيَل

وذكرتُ جدك كيف حارب فرحتي
وأزاد في قلبي هموماً تشتعل

وهتفتُ في نفسي ألا لا تنتكسْ
فالله في عليائه ضمن الأجل

ما شاء ربك أن يكون فكائنٌ
فعلام تذبل شعلة الإخلاص قل؟

وتعود تسألني لماذا يا أبي
تمضي رجولتنا وينفجر الأمل؟

مادام نركض يا فتى الفتيان خل
ف دراهم حتّام يطوينا الفشل

مادام نرتع في رغيد أطايب
ما بين لحم أو دجاج أو عسل

ابني الحبيب أتيتنا والشوقُ م
لء عيوننا والنورُ يجتاح المُقل

وبفضل ربي سرنا أن قد حلل
ت ببيتنا وأزلت كابوس الغِيَل

والكل سُر بطلعةٍ لك يا فتى
باركْ إله الكون شبلاً قد أهل

وأبوك سُر وأم عبد الله سر
تْ والصحاب يباركون على عجل

ف (عزيجة) تهفو إليك بلوعةٍ
فكأنما أنت الحياة لها أجل

(نورا) تؤمّل أن تحوزك في مقا
بل (سلوةٍ) هذا كلام مَن اختبل

(عزان) يدخل بيتنا متجاهلاً
هذا الذي بالباب ينتظر القبل

فنهرته وزجرته وشرطتُ أنْ
لا يدخلنْ حتى يسلم في غزل

وتقول صاحبة لأمّك أنها
تفديك يا غال عليها في جزل

وأعود أنظر في صباحة من أتى
فأراك مقروراً بنظرة محتفل

وأعود أنظر في حقيقة واقع
أبكي عليك وليس يُجدي ذا الوهل

آسى ، وأغضي ثم أبكي آسفاً
ودموع قلبي فوق صدري تنهطل

أن سوف تحيا في غياب حنيفةٍ
ويطولُ وَجدُك يا فتى خطبٌ جلل

كم كنت أرجو أن تعيش ظلالها
وربيعها ، لكنه حقاً أمل

ستذاكر التوحيد أوراقاً محق
قة منقحة وبعدُ فلا تسل

إلا تسلْ ستعيش ترتع في المرا
عي والروابي كالبهيمة والجمل

ولئن سألت فسوف تدفع من حيا
تك حق سؤلك فاتبعني وارتحل

ما عاد يُرجى في دنا الطاغوت من
خير فبادرْ قبل أن يغشى الأجل

قد سمم الشيطانُ هَدي القوم عي
ش القوم دنيا القوم في كل الدول

زعم العبادة أن يصلوا أن يصو
موا أن يزكّوا أن يحجّوا في وجل

دون التحاكم للمليك وشرعه
أو دون أسلمة الحياة بما أحل

عاشوا كما الجُعلان تمرح في الثرى
أما ضياء الهَدي ولى قد أفل

غابت هداية ربنا غاب الجها
دُ بنوره ما عاد عيشٌ يُحتمل

فأطع أباك ، تعال نرحلْ عاجلاً
إذ ليس يأسى مَن على الله اتكل

فرعون دنس في الديار حياتها
ماذا يُرَجّى مِن قطيع يُستذل

إياك تزعم أن فرعون انتهى
(فرعون موسى) مات إي منذ الأزل

أحفاده أحياء يلعن ربنا
ذا الجدّ والأحفادَ والأجنادَ قل

قل يلعن الجبار سالف جنده
والحاضرين ويلعن الملأ الأول

فرعون فينا لم تمتْ أذنابه
هم فوق أرض العِير تلعب بالسفل

فرعون حيٌ بيننا بفعاله
قل كم من الإنسان ذبّح كم قتل؟

فرعون موسى سنها ومشى العُتا
ة على دروب سبيلها مشيَ الجُعل

لا يرحم الفرعونُ يوماً قومه
لا يرعوي يحتالُ يخترعُ السبل

فهناك ألف وسيلةٍ و وسيلة
السحق والتشريد للرهط الأذل

القطعُ والتصليب والموتُ الزؤا
مُ وثم تمزيق بجوف المعتقل

والنار أهون من صنيع جنوده
فالنار تحرق ليس تبقي مِن طلل

والناس في منظاره حُمُرٌ تقع
قعُ ثم ترتعُ ثم تهجع في المحل

ابنى الحبيبَ وربنا لمّا أذقْ
طعم الحياة وهدي ربي منفصل

فصلوه عنا ثم راحوا يضحكو
ن على حُثالة قومنا بالمبتذل

مِن هزلهم ، مِن أكلهم مِن شربهم
من لبسهم ورياشهم ، يا للخبل!

والقوم ما قالوا لهم هذا يخا
لف شرعنا أواه من أهل الإبل!

أما نساءُ القوم فانصاعت لمف
تون ودجال وملعون ثمِل

وجرين خلف الساقطات الهازلا
تِ البائعاتِ الدين في سوق السفل

وتركن هدي محمد خلف الظهو
ر وقلن هذا الشرعُ مِعراجُ الخلل

أما التيوس فسلموا للزور أف
ئدة وضاعوا في الضلالة والخطل

وتعجلوا أمر المليك فليتهم
بعد الذي فعلوا استبانوا ما حصل

حسبي كذا أني أبيّن حجة ال
فرقان للأغنام والتبيانُ مَل

مولاي خانتني التجاربُ في متا
هات الدروب وتهتُ والمجهود كل

قم يا صغيري نحمل الفرقان ث
م نفرُّ من تلك الديار ولا نكل

إني أؤمل فيك عوناً لو عرف
ت حدوده لحقرت بَذلك يا رجل

لو تعرف المطلوب يا ابني لاستقم
ت على الطريق وقد تنكبت السبل

ولمَا أضعت الوقت في قيلٍ وقا
لٍ أو يقولوا أو فعلنا أو فعل

ولمَا ابتسمت إلى الحياة لحيظة
والوحي وحي الحق في جوف السجل

والله إني مشفقٌ أن لا أكو
ن قصدتُ رشدي ما استقمت بلا زلل

إني حريصٌ أن أبثك دُربتي
فلكَم أضعتُ الدرب مني بالجهَل!

وأخاف أن لا نلتقي في جنة
والسر تضييعي لمنهاج الرسل

من أجل هذا يا بني يئن قل
بي عابراً يدعو المليك على عجل

ويقول ربي فانصر العبد الضعي
ف وأنت تعلم يا إلهي ما بذل

جهد المُقل وليس عندي غيره
فتولني فلأنت أكرم مَن سُئل

ولأنت تعلم ما كسبتُ بشقوتي
عظمتْ ذنوبي واحتوى قلبي الخجل

وأخاف أن لا تقبلني في عبا
دك يا إلهي واعترى نفسي الوجل

ابني الحبيب أيا عبيدة إنني
أعطيك كل تجاربي وبلا خجل

عيناك تسألني لماذا سوف نر
حل من هنا وإلى متى الدمع الهطل؟

وأقول أخشى أن سيسألنا الملا
ئكُ عن ديار وُسّعت فلم الكسل؟

لمَ لمْ نهاجر في الإله ونترك الش
يطان في أوحاله؟ ماذا العلل؟

ماذا أقول لهم أيا ولدي إذن؟
أواه من مُر الإجابة والثقل!

والله يا ولدي الحبيب لهجرة
في الله أحلى من كثير من شغل

ولكسرة ولتمرة في خلوةٍ
في هجعة وبعيض قطرات الوشل

خيرٌ لنا من عيشة الطاغوت في الن
عم الوفيرة حيث تخدمنا الندل

وافقتني نافقتني جربتُ عص
راً في شبابي بل كذا والمستهل

ما طاب لي العيش الذي قد ألبس الش
يطان فيه أباك ذا الثوب السمل

ولسوف تخرج للحياة فما ترى
للهَدي في دار المهانة من طلل

لا تبكِ ساعتها! فهذي الحال سا
دتْ منذ غاب الهَدي عنهم وانفصل

أسطورة هذا الكلام بزعمهم!
هذي الخِرافُ تقول دينُ الله غل

أواهُ مِن هذي الخِراف استبدلتْ
بالمنّ والسلوى رؤوساً من بصل!

أنا لستُ أقتل في الطفولة فتنتي
لكنها مأساة جيل مستغل

بل جُل ما أصبو إليه حقيقة
هو أن ترى أصل المصاب المندمل

هو في الحقيقة مكتو متقيحٌ
متقرحٌ خلف الستار المنسدل

قد قرّحته يدُ الفساد مع الهوى
والجاهلية إنها شبحٌ مَثُل

أما الضحية فالجميع ضحية
حيث انتهوْا والدهر في رأيي دول

شلل أصاب القوم ما أسبابه
لغياب وحي الحق ذا سببُ الشلل

ويموّهون على القطيع وينشئو
ون من الدعاية تلة من بعد تل

إني لأعرفهم وتلك فعالهم
هم يزرعون الموت من خلف الجبل

من رأسهم لذيولهم همجُ الورى
فرعونهم كم قد أذل! وكم سحل!

أما الهوام تغوص في بحر الخنا
شيطانهم كم قد أباد! وكم قتل!

من أجل ذلك يا بني اسمع وقم
هيا بنا نرحلْ فما أحلى النقل!

أوصيك تسمع يا بني لما أقو
ل وتستجيب بلا هوىً وبلا جدل

فلئن سمعت فأنت أنت المستفي
دُ وإن رددت خذلتني فيمن خذل

واللهَ أسالُ أن تصيخ لما أقو
لُ ، وتستفيد بما ذكرتُ بذي الجُمل

أوصيك أن تبقى على دين الملي
ك تفز به في يوم تندلق الوسل

صاحبْ لذاك الهَدي مَن يغنيك في
ما زلّ سيرك جاد لو أمر عضل

واقرأ لذاك الهَدي في كتب العدو
لِ ، فإنهم دُرٌ يغلفه السَبل

واجعل لذاك الهَدي عمرك أنت ضي
فٌ في الحياة فكن غريباً واستدل

وأحبَ مَن قبل التحاكم للحني
فة ليس يتركها لدعوى من يقل

واعلم بأنك سوف تفتن شأن ك
ل موحدٍ فامهد لنفسك لا تمِل

واصبر إذا نزل القضاء عليك في
هذي الدنا إنا هنا فيها نزل

واحمد إلهك في المناشط والمكا
رهِ سوف يأتي أمر ربك بالأمل

واصمد لكل مصيبةٍ تجد السعا
دة في الصمود وليس في الدمع الهمل

وترقّ في طلب العلوم وكن لها
كالنسر في طلب الفريسة والحجل

واجعل فؤادك عامراً بالدين لا
متفيهقاً فإذا تفيهق قد جفل

وانذر لذاك الهدي نفسك ثم زو
جكَ والبنين مع البنات ولا تسل

وعن الجهالة فابتعدْ ، لا تقتربْ
واعتز بالإسلام واهجرْ مَن هزل

ومن الفضيلة فاقترب ، وتمن مو
تاً في رحاب فضيلةٍ تنل الظلل

واسعد بما يرضي المليك تنل رضا
هُ بأي شيء بعد ذلك تستظل؟

والله ما لك في زمانك غير هد
ي الله فاعلم يا فتى فهو الأمل

وتزوّج العصماء ذات الدين كي
ترقى بها لا تبغ عن هذي حِوَل

وتحرّ في قول الحديث عن النب
ي المصطفى واهتم لا ترو العِلل

واجعل براءك معلناً ممن طغى
قم لا تسوفْ ، لا يغرك مَن مطل

واحذر مداهنه الطواغي إنها
قيحٌ ذميمٌ مستكينٌ مفتعل

وكتاب ربك يا صغيري فارعه
واعمل به فهْو النجاة مِن الزلل

وكفاه ما يلقاه من أبناء (دا
رمَ) في زمان ضيّعوا فيه المُثل

إني نذرتك للجليل فكن به
مستعصماً مسترشداً ودع الوجل

دع عنك أيام الطفولة يا فتى
فالعُصبة العرجاء تحيا في خبل

دع عنك أفلاماً وتدجيلاً وتض
ليلاً وتهويلاً ، وفارق مَن هزل

دع عنك ثدي الأم واشرب من حدي
ثِ نبينا واطلبْ مِن المولى تنل

اطلبْ من المولى الهداية والتقى
فهما السبيلُ إذا تعددتِ المِلل

وهما الطريقُ إلى حدائق ربنا
في يوم أن تطوى السما طي السجل

وتأنّ في طلب العلوم ، ولا ترُم
عِلماً مِن السفهاء أرباب الزجل

وتأس بالأموات والزم نهجهم
فالحي لا ندري أيثبتُ أم يَزل؟

والعلمُ في سَلفِ الحنيفة وافرٌ
للهم فارض عن الألى كانوا المَثل

هيهات أن يرقى إلى سلف الرسو
لِ جميعُ أهل الأرض مِن هذي النِحَل

سلفُ الرسول وأي ناس بعدهم؟
كلُّ بَهَدي رسول ربي يَستظِل

هم آمنوا هم أخلصوا هم جاهدوا
هم صابروا هم خيرُ قرنٍ مُعتدل

هم قاتلوا أعداء (أحمدَ) جهرة
هم خير مَن عبدَ المليكَ بلا دَغَل

هم خير مَن عملوا لمرضاة الجلي
ل بكل إخلاص ، فيا نعم العَمَل!

حملوا إلينا العلمَ والإيمانَ والت
وحيد باركْ يا إلهي مَن حَمل!

والتابعين فليس يَخفى دورُهم
نورُ الدياجي واليواقيت الأٌوَل

فارحمهمٌ يا ربنا واجعل لهم
نوراً وأسكنْهم بفضلك في الظُّلَل

باركْ إله الكون في هذا الزما
ن مَن استضاء بنورهم ومَنِ استدل

فلنعم نورٌ هؤلاء لمن يري
دُ دلالة! ولنعم ذاك المُستدل!

واحرص على طُهر السريرة دائماً
فبه تبدّد كل ضيق أو كَلَل

واحذر مخالفةَ الذي رفع السما
مَن يُحرَمِ الطاعاتِ حقاً قد بَخِل

واحذر مُشاهدةَ الخُلاعة والخنا
واجعل رصيدهما الهشيمَ المنتعل

واحذر مصاحبة اللئام فإنهم
لن ينفعوك فكيف تصحُب مَن غَفل؟

وتجنبِ الكذب الذي يهدى إلى
دَرْكِ الفجور ويهديان إلى النُّزُل

وانطقْ بضاد العُرب ، يكفي أنها
لغة الكتاب ومَن يجاوزها ثُكِل

وادرسْ لها نحواً وصرفاً ثم شع
راً إنها أدواتُ مَن ذا يَرتَجِل

واحفظ لها بين اللغات حقوقها
إن تعدلنْ بالضاد من لغة تَضِل

وارعَ الأمانة والعُهودَ ولا تخُنْ
إنَّ الخيانة ليس يقربُها فَضُل

وكنِ الأنيسَ لمَن يحبك في الإل
هِ محبة الرجل الكريم وذي النُّبُل

وكنِ الجليسَ لآي ربك إنها
خيرُ الجليسِ إذا تعددتِ المِلَلْ

وكنِ العفيفَ عن الدنايا إنها
تئد الرجولة في طَوِيَّة مَن نَبُل

وكن الكريمَ إذا قُصدتَ لغايةٍ
جُد لا تراوغ إن مَن يَمطِل خَتَل

وكنِ الرحيمَ إذا مَلكتَ وديعة
اِعدل أخي فالله يرحم مَن عَدل

وكنِ المُسِرَّ إذا ائتُمنت على مس
رّة مؤمن مَن يكشفِ الأسرارَ ضَل

وكنِ العطوفَ إذا خلوتَ بدين رب
ك ساعة لا خير في زهر ذَبُل

وكنِ العزيزَ إذا دهتكَ بليَّة
ومِنَ البلية فالتهمْ حلو الأكل

لا تُدخِلِ الأصنامَ بيتك يا فتى
كيلا يكون البيتُ مِرحاضَ الجُعَل!

إني براءٌ مِن أُبوة مَن جَفَا
أمر المليكِ وغاصَ في قَعِر الوَحَل

بَيَّنت حُكمَ الشرع في الأصنام ،لم
أضللك أتحفني بردّكَ يا رجل!

وأقرأ كثيراً ليس يعقل مَن قَلَى
كُتُبَ الثقات وللجهالة فاعتزل

لا لا تقل لي: ضقتُ ذرعاً بالذي
أوصيتنيه وإنني صِدقاً وَجِل

أَبُنَيّ تلك وصيتي سطرتُها
ونظمتُها شعراً فصنْها واستَدِل

إني ادخرتُك كي تكون شهيد ه
ذا الدين يوماً نعم هذا مِن عمل!

ستموتُ فاعمل للقيامة يا فتى
وعليك سوف يُسَحُّ دمْعٌ مِن مُقَل

ستموتُ فانصب للشهادة ، إنها
حَبلُ النجاة لكل إنسانٍ أَجَل

فاقرأ عن الشُهَداء دوماً إنهم
حملوا المشاعل دائماً منذ الأزَل

اقرأ لتعلم أنهم أحياءُ عن
د مليكهم ، مستبشرين بمَن حَلَل

واقرأ لأستاذ الظلال فإنه
نَجمٌ بأنوار الهداية قد أطل

إياكَ يوماً أن تقول: تعبتُ مْن
طول القراءة والدراسة ما العمل؟

ابني الحبيبَ كما ترى لغةُ القري
ض على قراطيسي مبعثرةُ النِّحَل

ولقد كتبتُ قصائدي مِن قبل فان
صاعتْ لأقلامي كُليماتُ التَّجَل

أما قصيدتُكَ التي في التو أس
طرها فعذراً حيث أفكاري تُكَل

ولكم تمنيتُ النهوض برسمها!
لكنني المِسكينُ خانتني (لعل)

فأقبل كُليماتي بنيّ ولا تقلْ
أبتاه لم أفقه كثيراً مِن جُمل

وأعذرْ أباكَ أيا عُبيدةُ ، إنه
لو كان يدري الحق حقاً لم يَضِل

واذكر أباكَ بكل خير إنه
كم جدّ في طلب العلوم وما كَسَل!

واطلب مِنَ الرحمن مغفرة له
وادعُ الكريم بكل ذل وابتَهِل

واذهب إليه بقبره آنسهُ دو
ماً ، وافتكر عذبَ الوصايا والمُثُل

واستمطِر الرَّحَمَاتِ دوماً ولتكنْ
نعمَ الغلام عن الدعا لا يَشتَغِل!

هذا أبوكَ لكل آهٍ منكَ كا
ن يذوب حزناً في دياجير العِلَل

والآن محتاجُ إلى دَعَواتك ال
غراء في جوف الليالي والظُّلَل

واخفض لأمكَ مِن جَناح الذل أك
بر رحمةٍ كم فيك ذاقتْ مِن عِلَل!

ورأيتها ورأيت منها ما يَش
قّ على يراعي وصفُه وكذا الحَبَل

حيّرتَها وأضعتَ مِن أجفانها
نوم الليالي حيث صارت كالطَّلَل

لم تستقر لُقيمة في بطنها
أو شربة ُشيءُ يُبَكِّي مَنْ عَقَل

إلا وفي غمض العيون تمجُّها
يا أم عبد الله أضناكِ البَطَل

عانت لكي ترتاح في أحشائها
كم حُمّلتْ أعتى الفظائع في وَجَل!

فالأم فاعلم يا بُنَيّ جميلَها
كم دللتك بكل ألوانِ الغَزَل!

هذا القصيدُ هدية مِن والدٍ
لكَ في جناح الغيب يرتقب الأجل

ولَكَم لنور الشرع تاق بذي الدنا!
ولكَم لنصر الحق أعياهُ الزَّعَل!

ما قيمة الإنسان في هذي الدنا
إنْ لم يجاهد في المليك بلا خَذَل؟

لو كان يدري ما النجاة لما انزوى
دهراً ، وهذا القلب في وهمٍ زَعِل

هذا أبوكَ تراه في صمت يسي
رُ وكل جارحةٍ تئنُّ بلا دَخَل

كم كان يرجو أن يعيش العمر في
دين المليك ولو يعيش على الدَّقَل!

والله يا ولدي تعقبَنِي الأسَى
وكذا الهنا ، ما راقني العيش الرَّفِل

وأبوكَ أعطى قَلبَهُ مَن شَجَّهُ
يا سوأتى لو كنتُ كالرجل المَحِل!

فانسقتُ طوعاً في مَهبّ الريح كال
عُرجون يسعى في أسى الجيل الدّحل

وتجمعتْ أسواءُ ماضي خيبتي
وكسا فؤاديَ بعدها اللونُ الطَّحِل

وعلمت أن لا نور يأتي مِن هُنا
وهمستُ في قلبي: أَلاَ للحقَّ صُل

وتعلمِ التوحيد والإيمان لا
تركنْ إلى هذي المناسك ، فامتَثِل

قم وادرس الإسلام تُفلحْ ، تنتصرْ
وتلقن الأركانَ وانشط قم وَجُل

أواهُ مِن طول المقالة يا فتى!
لو شاء ربك حَصرَها لمّا تَطُل

لكنه قدرُ المليك وقد قضى
ألا أبثكَ قولَ فُحشٍ مُختَبَل

خَلَجَاتُ صدري ، والأنينُ رفيقها
سطرتُها شعراً إليكَ به طَلَل

طللُ المحبة في الكريم وليتني
أحيا إلى يومٍ أراكَ به الرَّجُل

ذي غاية الغايات ، داعَبَها الرجا
ليلاً نهاراً في خيالي تَرتَحِلْ

وأنا المعذبُ في تأرجح غايتي
أحيا فصاماً بين ديني والهَمَل

هَمَلُ يعيش بغير هَدي الله في
مستنقع ويظن أنَّ الخيرَ حَل

للمرة العشرين جدُّ أقولها:
هيا بنا نحيا ونقلو ذي المِلَل

أتخافُ مِن مُرِّ المَعيشة في الفيا
في والبيادي والغياهب والجَبل؟

داوودُ لمّا فارقَ الكفارَ سبَّ
حتِ الجبالُ وراءه ، لا تَنذَهِل

فالله آمرُها بذلك أوِّبي
والطيرُ أوَّبَ في جلالٍ وامتَثَل

وأبوكَ إبراهيم لمّا فاصلَ ال
كفار أعطاه الجليل بما بذل

إسحقُ في القرآن خلد ذكرُه
يعقوبُ نافلةُ فيا نعم النَّفَل!

وختامُ قولي أن تأسّى بالذي
ن ذكرتُهم ، للجاهلية فاعتزل

وقصيدتي بعد الكتاب وقول مب
عوث الهداية فارعها وكُنِ المَثل

أنا يا حبيبي لم أطرّزْها سُدىً
فلكم سهرتُ الليل أصبغُ في الجُمَل!

من أجل ماذا كان ذلك كله؟
من أجل أن تُتلىَ وتُلقَى في السِّجِل؟

سطرتُها لتكون واقعَكَ الذي
أصبو إليه بكل شوق أبتَهِل

يا رب هذا فارعه جنبهُ ما
قد خضتُ فيه مِنَ الضلالة والخَبَل

وتولني واغفر إلهي ما مضى
مِن هزلنا فلأنتَ أكرمُ مَن سُئِل

ثم الصلاةُ على الحبيب نبينا
والتابعين له وللزُّمَرِ الأُوَل

© 2024 - موقع الشعر