أسأل عنها - محفوظ فرج

أسألُ عنها
في كلِّ مكانٍ وَطأتْ قدمايَ بهِ
وأراها رأيَ العينِ بِمُحَيّا
الحسناواتِ
بدرنة
شحات
أو سوسة
حتى في رَفَّةِ أغصانِ اللّوزِ
بنوّاره في قلبِ الجبلِ
تبرُقُ شَفَتَيْها
هيَ نَوّارةُ
ما أبهاها
ما أحلاها
لقرونٍ مَرَّتْ تَمْلأُ قلبي
بالحبِّ ويطفحُ فيهِ
عراقياً منذ الألفِ السابعِ قبلَ الميلاد
إلى حدِّ القرن العشرين
تسير بأعراقة
نفحاتُ العشقِ الصافي يَطفَحُ
ألقاها في الموجِ الغاضبِ
قربَ الكهفِ العالي
ينْقَضُّ عليها قلبي كالنورسِ
يحضنُها في جنحيه
ألقاها في حسرةِ بنتِ حلبٍ
تَتَحَدَّثُ لي عن غربتِها مُكْرهةً
فَتبدِّد كلَّ نياطِ خيالي
يوقفُ دمعِيْ مركبَ شِعْري
في ( قلعةِ حلبٍ )
أتَمَثَّلُها واقفةً قُدّامي وتُناديني :
سوفَ أعودُ
انسلختْ أعواماً مُتَواليةً
لِتلاقينا أولَ مرّة
بقيتْ قُربي تقرأُ لي أجملَ
ما أحتفظَتْ كتبُ الشارعِ
في ( المتنبي )
مُذْ أوّلِ ديوانٍ شٍعريٍّ كان افترشَ الأرضَ
عيناها تحفظُ سحرَ الغزلِ
العذريّ من الفصحى والشعبي
بقيتْ قربي
تتأكد كيفَ تشرَّبَ قلبي بهواها
وتَداورَ بينَ دقائقِ أوردتي
وحينَ تَيقَّنتِ الأمرَ كما رَغِبتْ
رحلتْ عني
وأنا مذْ غابتْ قبل قرونٍ تمتَدُّ
من ( السلّومِ )
إلى (وسط البلد في عمان)
أرقبُ ليلاً مسدولاً
أنفاسي تتعلَّلُ منهُ
يجري مركبُ شِعري
بروافدَ إلهامٍ لا متناهيةٍ
حينَ أقرِّبُ وجهيَ منها
أرقبُ أحلاماً تتلفظها وتحققها
تمسك في كفي وتقول :
ألم تشعُرْ أنّي
قلتُ لأشدِّ الأحزانِ ابتعدي عنهُ
ولخريفِ الأيام انقلبي
في الأعماقِ صِبىً أبديّا
أولمْ أتَرَفَّعْ فيكَ عن الهَوَسِ الجارفِ
حولَ صراعٍ مُغرٍ من زاخو حتى الفاو
على كعكةِ سومر
قلتُ : بلى لكنّي ما زلت ُوحيداً
أتَنقَّلُ بين محطاتٍ
كنتِ معي فيها
وترافقُني أدواةُ الاستفهام
أأنت تُمَنّينَ النفسَ بغيرِي
 
د.محفوظ فرج
© 2024 - موقع الشعر