قصيدة أنوار المصابيح على نهج بردة المديح - محمد عمر عثمان

نَظرتُ نحوَ هِلال الأشهُر الحُرُمِ
وقَد بَدا نُورهُ لكَافَّةِ الأُممِ

ولاح فى خَاطرى طيفٌ لكاظمةٍ
ولاح فَيهِ طَيفُ البيتِ والحَرَمِ

وسال دَمعى مِن فيضِ الحنين إِلى
صَاحبِ القبةِ الخضراءِ ذِى الكَرَمِ

هُو الحبيبُ الذى أَحَبَّهُ قلبى
وحُبِّى لهُ نِعمَةٌ من أكبرِ النِّعَمِ

وفى قَصيدِ الهَوى تَعلو مَدائحُهُ
وطَابَ مَادِحهُ فى السَّهلِ والأكَمِ

لاحَتْ بشائرُ الأنوارِ فى الدُّنيا
عِندَ مَولدِ خير العُربِ و العَجمِ

و هتفتِ الجنُّ و الأملاكُ بالبشرى
وغرَّدَ الطيرُ فى الأَجواءِ بالنَّغَمِ

وانهَزمَ الزُّورُ والبُهتانُ فى الدُّنيا
وانجلَى الصِّدقُ فى بُعدٍ وفى أَمَمِ

وأَقبَلَت نَسماتٌ تحملُ العَِطرَ
و تنشرُ الطيبَ بين البان والعلمِ

وأَتى ربيعٌ بذكرى يومِ مَولِدهِ
وطَابَ مُبتهجٌ بهَا مِنَ النَّسَمِ

ومَا تطاولُ أشعارِ القصيد إلى
وصف الممدوح فى الآياتِ بالعِظَمِ

هَذَا الرَّسُولُ الَّذِى عَمَّت رِسَالَتُهُ
وَ أَشرَقَت شَمسُ نُورِهَا عَلَى الأُمَمِ

هَذا النبى الذى طابت مَكارمُهُ
وتمت مَراتبهُ فِى الجود والكَرمِ

هَذَا الحَبِيبُ الَّذِى جَلَّت فَضَائِلُهُ
عِن الإحصاءِ فى الأوراقِ بالقَلَمِ

هَذا الوجيهُ الَّذى دَلت مَنَاقِبهُ
عَلَى كمالهِ فى الأخلاقِ والشِّيَمِ

هذا الشفيع الذى تُرجى شفاعتُهُ
يَومَ القِيَامَةِ لِلأَقوَامِ وَ الأُمَمِ

هَذا الشريفُ الذى فَاقت هِدايتهُ
هِدايةُ البدر بالأنوارِ فِى الظُلَمِ

محمدٌ خيرُ مُختارٍ مِنَ الورى
و خيرُ داعٍ إلى التوحِيدِ والقيَمِ

يَالائِمِى لاتَلُمنِى فى مَحبَّتهِ
قَلبى مِنَ الهوى العُذرى فى أَلمِ

لو كُنتَ تعرفُ مَعنى لوعةِ الهوى
فِى حُبِّ المختار لم تعذِل ولم تلُمِ

القلبُ لم يَصفُ إِلا حينَ رؤيتهِ
فى ليلةٍ من ليالى الأَشهُرِ الحرمُ

وطَيفُ ذكراهُ يَسرى فى خَواطرى
فَيسيلُ دَمعِى مِنَ العَينين كَالدِّيَمِ

وليتنى كُنتُ يوماً فى ضيافتهِ
فى عام هجرته من موطن الحرم

وخدمتُهُ بمديحٍ فَوقَ مِنبرهِ
وصَارَ قَلبى من الأَفراحِ فى نِعَمِ

ولعَلَّنى فى صَباحٍ عِندَ روضتهِ
أَقُولُ فِى صَادِقِ الأَشعَارِ والكلمِ

ياسيِّدى يَا أَبا الزهراءِ خُذ بيدى
فإنَّ قلبى مِنَ العِصيانِ فى سَقَمِ

وخُصنى بدعاءٍ مِنكَ ياسَندى
يَعفو به عَن ذُنوبى واسعُ الكرَمِ

فقلبى يُحبكَ حُباً أنتَ تعلمهُ
ولاحَ مَعناهُ فى الأشعارِ والكَلَمِ

تَبلى عِظامى ولاتبقى مَعالمُها
وحُبكَ فى فُؤادى غيرُ مُنصرمِ

مَولاى صلِّ وسلِّم دائِماً أبداً
عَلىَ الحبيبِ وأهل الحُبِّ كُلِّهمِ

وانشر نَوافحَ طِيبٍ فائحِ الشذَا
يَفُوحُ عِطرُهَا بينَ الرَّوضِ والحرَمِ

خادم شعراء المديح
محمد عمر عثمان

© 2023 - موقع الشعر