قصيدة مايا - محفوظ فرج

مايا
———
مجنونٌ في عينيها الواسعتيْنِ
أتأمَّلُ ما بينَ الحاجبِِ والأهدابِ
أشرعةَ الصيادينَ بدجلة
تسرحُ في ميلِ الكحلِ
وترسو عندَ الوردِ الجوريِّ العابقِ
مفروكاً في الخدين
يلتمُّ النورسُ ينقرُ في مفترقِ
النهرين
مايا مايا
لحنٌ غَنّاهُ عراقيٌّ
في بغدادَ
يقولُ :أفديكِ حبيبةَ قلبي
أنْ تمْتَدَّ يدُ الغاشمِ نحوكِ
أفديكِ بروحي
حزنُ يسكنُها
يصطفُّ على أقواسِ الهَدْبِ
المتوالي بسوادِ الكحلِ
حزنٌ تلمَحُهُ في سحنتها الخمرية
في رقَّةِ نجواها
تعيدُ إليكَ الحلمَ المرهونَ
على أرصفةِ البابِ الشرقيِّ
ومجرَّد أن تتأملَ في قامتها
تتجلّى لوحاتٍ أفنى حافظُ(١)
فيها عمْرَه
واشتاقَ رصيفُ المعهدِ
إلى وقعِ خطاهُ
تمَنّتْ أقلامُ الزيتِ بأنْ
تَتَباركَ قي لمسِ أناملِه
وتعودُ لشجرِ الكسرةِ
خُضرتُه
عندَ تشابكِ أغصانِه
قالتْ : منذُ زمانٍ لم نَنْعَمْ
بهدوءٍ منفردينِ
كَفُّكِ تَشْبكُ كفّي
في حاراتِ العيواضية
يَهمِي عَلينا غيثُ نديفٍ
من رائحةِ القداحِ
وعَبَقَِ الشبّويِ الليليِّ
وتحتَ ظلالِ أمانٍ ومَحَبَّة
أقولُ لها : ذلكَ عهدٌ كنّا فيه تلاميذَ
لعلماءٍ أفذاذ
نزرعُ فيها للأحباب عروقَ الجوزِ
بذاكَ الصوبِ
عُلِّمْنا فيهِ كيفَ نواجهُ
أيامَ البؤسِ
نُصوِّب أخطاءَ الماضي
 
د. محفوظ فرج
 
—————————————————
١- حافظ الدروبي فنان تشكيلي عراقي. وأحد مؤسسين الفن التشكيلي في العراق. ولد في محلة المهدية ببغداد في عام ١٩١٤م لقب برسّام المدينة لتعلقه بمدينة بغداد. كان أول ظهور فني له في عام ١٩٣١م توفي ١٩٩١م
© 2024 - موقع الشعر