قصيدة : أَمُعَنَّفٌ بكِ ؟؟ - محمد عبد الحفيظ القصّاب

قصيدة : أَمُعَنَّفٌ بكِ ؟؟
----------------------

أَمُشَرَّدٌ مُسْتَوحِشٌ وَمُعَنَّفُ؟!
هذا أَذِينٌ في فِراقِكِ يَهْتِفُ

أَسَفِي عَلَيَّ.. إلامَ كانتْ عِيْشَتِي؟
فَتَباخَسَتْ فِيكِ البَواقِي السُّخَّفُ

إنِّي جَرَعْتُ على المَدَى كَأْسَ الهَوَى
فَاسْتَنْفَدانِي فِيهِما مَتَلهَّفُ

ماكانَ يَأْلُونِي السُّقامُ وَقَدْ رَأَى
ظَنَّي بِآمَالِ المَنِيَّةِ يُسْرِفُ

الجُهْدُ كُلُّ الجُهدِ ياهيفاءُ بِي
وسَنابِكُ العَقْلِ المُصاحِبِ تَخْسِفُ

هذا الرَّحِيلُ إِلَيكِ أبْعَدَ صَحْوَتِي
عَنْ ذِي الحَياةِ، فَما أَعِيشُ، وَأَعْرِفُ!

هذا الحَنِينُ إِلَيكِ أَتْعَبَ سَطْوَتِي
فَعَلَى المُتُونِ فَوارِسٌ لا تُنْصِفُ

ألاَّ أَجُولَ بِمُتْعَبٍ مِنِّي الهَوَى
في دارَةِ العَينِ الكَلِيْلَةِ أُطْرَفُ

ألاَّ أَفُضَّ عَنِ الصَّبابَةِ حُزنَها
في مَعْمَعِ القَلْبِ المُفارقِ أُجْرَفُ

ألاَّ أُذاكِرَ صَفْوَنا فِي لَيْلَةٍ
جانِي الحُتوفِ إلى القِيامَةِ أُصْرَفُ

فَكَأَنَّنِي تَقْتاتُنِي زَقُّومُها
وَأَصُومُ دَهرًا في حَشايَ تُخَلِّفُ

هذا الرَّحِيلُ إليكِ يَقْضِي وَصْلَنا
ألاّ يكونَ فَهَلْ لِحالِي مُسْعِفُ؟!

لمْ تُخْلَقِ الأَهْواءُ غَيرَ جَرِيْحَةٍ
فإذا تَداوَتْ فالنُّفُوسُ سَتَتْلَفُ

هيفاءُ جِيئِينِي بِبَعْضِكِ نازِفًا
حتى صَهيلِ الجرحِ لايَتَوَقَّفُ

إنِّي أُحِبُّكِ فاهْجُرِي أُعْجُوبَتِي
إنَّ العَجِيبَ على الحَبِيبِ مُزَيَّفُ

إنِّي عَشِقْتُكِ مُهْرَةً وَسِراجُها
يَنْسابُ فَجْرًا مِنْ دَمِي يَزَّخْرَفُ

ما إِنْ تَزُورِي لَيْلَهُ في لَيْلِهِ
تُخْفِي الفَناءَ لِجاهِلٍ يَسْتَنْزِفُ

فالقُرْبُ يَجْمَعُنا.. بِجُرْحٍ وَاحِدٍ
والبُعْدُ مُثْناهُ فَجُرْحِي أَجْوَفُ

إنْ تَأْتِنِي والحُسنُ فِيكِ كَما أَتَى
تَسْتأثِري باقٍ كَثِيرُهُ مُدْنَفُ

قالُوا: تَناساها، فَقُلْتُ: وَمَنْ لَهُ
في كُلِّ طَرْفٍ عِنْدَها مُسْتَأنَفُ

قالوا: عَلامَ سَعَيْتَ فِي أَعْتابِها
فَزِعًا؟! فَقُلْتُ:أَصادِقٌ؟ قالوا: كَفُو

أمُجَانبٌ سُؤْلي إِلَيْها والنَّوَى
مازالَ عَنْ شَبَحِي المُغادِرِ يَكْشِفُ

اسْتاءَتِ الأحزانُ حُزْنًا لَمَّةً
عَنِّي وَدُكَّ حُطامُها والسَفْسَفُ

الجَهْلُ بَعْضُ الجَهْلِ يا هيفاءُ بِي
فإذا هُديتُ فَإِنَّكِ المُتَصَرِّفُ

وإذا جُنِنْتُ فَذاكَ عَدْلٌ إِنَّهُ
في العاشِقِينَ مُنَزَّلٌ وتَزَلُّفُ

(24)
------------------------------

هيفاء : دلالة وليس اسماً مقصوداً
93-ح

محمد عبد الحفيظ القصاب
© 2024 - موقع الشعر