رهين القوى - محمد زيدان شاكر

أبدعتني روحا وخَلقا كاملا
فالآن أوقَدُ للحياة قليلا

والآن أسمعُ في قراري هاتفا
أبصرْ وجودكَ قد غدا معقولا

أُشعُرْ بنهرك قد تَدفقَ ماؤهُ
فمشاعرا تنمو بهِ وميولا

أدخلتني حَرَمَ الوجود ولم أكنْ
لولاك أقْدِرُ في الوجود حلولا

منْ كل شيئ قد سبكتَ عناصري
فالخلقُ أمسى هيكلا مجبولا

منْ أجلِ ذاك النارُ ثارتْ غيرةً
وتُثيرُ ناري كي أعيشَ ضليلا

والنور حارَ فلم يزلْ مُتسائلا
ولسرِّ خَلقيْ قد أرادَ وصولا

إني جُمعتُ مِنَ السما ومِنَ الثرى
إني جُعلتُ خَليفةً ورسولا

ومَلكتُ أمْرَ الأرضِ دونَ مُعاندٍ
وتركتني رهْنَ القوى مَغلولا

ما إن طغتْ ناري ولِدْتُ مُفرعنا
فأخذتُ أَقتلُ بُكرةً وأصيلا

بل مِنْ غروري قد حَملتُ كِنانَتي
إني ابتغيتُ إلى الإله سبيلا

أمسيتُ ندًا للإله تَجَبُّرًا
والكل يأتي راكعا مذلولا

أمهلتني حتى استويتُ تَكَبُّرا
فجعلتَ منّي آيةً ودليلا

ولقد طغى نوري فكنتُ مُحمدا
وجعلتَ منّي سيدًا وخليلا

قَرَّبتني حتى وصلتُ لمُنتهى
حدِّ الخلائقِ قُربةً وجَميلا

العمرُ يمضي والتراب يُحيط بي
والنارُ يُغري دِفؤها لأميلا

نورٌ ونارٌ والتراب رهينةٌ
فاخترْ قواك إذا وَعَيتَ القيلا

© 2024 - موقع الشعر